بحث

أخبار اليوم

هل نحن بحاجة الى معلّم؟

  • 18:34
  • 2014-04-01

نعم وألف نعم خاصة وأن تطور التعليم والمسيرة التعليمة لا يعنيان بأي شكل من الأشكال ومهما تطور عالم التقانة والمعلوماتية بأن المعلم لا بد وأن يستبدل بحاسوب أو آلة أخرى خاصة وأنه الناقل الرئيس للمعرفة والمساهم الأول في اكساب طلابه معاني التحصيل الأكاديمي والآدمي والأخلاقي والقيمي بصورة توازي الأهل في كثيرٍ من الأحيان وبشكل يجعله القدوة والنموذج والمثل الأعلى لطلابه.

ومهما كان التطور التقني والمعرفي فان أياً من وسائل التعليم لم تتخلَ عن المعلم سواء أكان موجوداً في الصف الدراسي أو بعيداً آلاف الأميال.

فالتعليم الالكتروني والتعلم عن بعد ووسائل التواصل الرقمي المختلفة عززت من دور المعلم بتمكينه من أدواتٍ مختلفة ووسائل تعليمية متنوعة فبات مرشداً وموجهاً ومتابعاً وناصحاً للطلاب على اختلاف مشاربهم مهما أبعدته الجغرافيا.

أما أداء المعلم فيختلف من دولة لأخرى بحسب امكانياتها المادية وحسن ادارتها للمال والقرار والكفاءة في الاهتمام بالمعلم وتدريبه وتطوير قدارته وتمكينه من الوسائل التعليمية والعائد المادي وحجم الحوافز المتاحة له.

وقد حققت المجتمعات التي تهتم بمعلميها فوارق ملحوظة وانجازاتٍ مهمة في النتائج المدرسية والأداء الأكاديمي بصورة موازية لحرصها على مهنة التعليم وتنافس الناس للوصول اليها ليس فقط لاعتبارات مادية بل أيضاً لاعتبارات معنوية ومجتمعية مهمة.

ففي فنلندا مثلاً تعتبر مهنة التعليم احدى أرقى المهن التي يقبل عليها الناس بصورة توازي الاهتمام المجتمعي بمهن كالطب والهندسة. وفلسفة هذا الأمر تقوم على أن الطلاب في مجموعهم يحظون بنفس القدر من الاهتمام والمتابعة دونما تمييز ودونما تقاعس بصورة اختفت معها المدارس الخاصة. فكل المدارس الحكومية مدارس خاصة بالنسبة للمجتمع كونها تعتبر المصدر الرئيس والأول لحماة المجتمع الذين سيكملون مسيرة التنمية ويساهمون في تطوير اقتصادهم ورفعة مجتمعهم. فليس هناك مدارس للطلبة الموهوبين والمتميزين باعتبار أن الكل موهوب وله نفس الحظوة والبيئة الغنية والقادرة على اكسابه المعرفة.

ومع هذا وذاك فان المعلم الفلسطيني يختلف عن غيره ليس نتيجة التحديات الاعتيادية لمسيرة التعليم بل أيضاً نتيجة البيئة الصعبة التي عمل ويعمل من خلالها والتي تحول في تحديه ليصبح نموذجاً دولياً من نماذج الصمود والمثابرة بصورة تجعله مفخرة وطنية بامتياز.

لكن مجتمعنا ومهما حاول البعض الصاق الكثير من الشعارات بمدحه للمعلم لا يتعامل مع مهنة التعليم بنفس الاعتبار الذي يكنه للمهن الأخرى ربما لعدم توازي المدخولات المادية للمعلم ولكون الالتحاق بكليات التربية لا يستوجب نفس القدر من التحصيل الأكاديمي بالمقارنة مع مهن كالطب والهندسة.

فماذا لو صار الانتساب لكليات التربية يستوجب تحصيلاً تعليمياً كبيراً من حيث النتائج، وبات العائد المالي لمهنة التدريس من أهم المدخولات التي تحققها المهن، هل سيشهد يا ترى التعليم نقلة نوعية؟ سؤال ربما لا نمتلك الاجابة عليه بصورة مرتجلة الآن بل يستأهل الخضوع للدراسة والتمحيص.

بكل الأحوال فان دور المعلم لم يعد قائماً على التلقين والتسميع والتدريس التقليدي وانما بات ملتصقاً بالوسائل التعليمية التفاعلية المختلفة والتجارب العلمية والتدريس الابداعي اللانمطي القائم على تنويع المصادر والأفكار التطبيقية بما يخدم موضوع الدرس. كما أن تحفيز الطلاب على البحث والعمل الجماعي وعدم الاعتماد على معلميهم والارتكان الى الدروس الخصوصية بات أمراً مهماً.

ومع التقدير لكل الجهود المتتابعة لكل القائمين على التعليم فان مسيرة المعلم بحاجة لاهتمامٍ أكبر وهو وبدون شك في صلب عمل الجميع. لكن الوصول الى السبل التطويرية والدعم المالي والخطط التحفيزية يحتاج الى تزايد متصاعد للجهد الجماعي. فوزارة التربية والتعليم يجب أن لا تخضع للمزيد من اللوم والانتقاد باعتبار أن هذا الأمر هو مسؤولية الجميع وليس مسؤولية وزارة بعينها.

فالقطاع الخاص الذي لطالما اشتكى من كفاءة الخريجين يجب أن يكون مسؤولاً أمام المجتمع وكذلك المجتمع المدني ومؤسساته. الجميع شركاء في التطوير خاصة وأن النتاجات الايجابية لتطوير المسيرة التعليمية تعود على الجميع اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً وتنموياً. فكيف نقبل التشارك بالنتائج ونتردد في التشارك بالتطوير والتأهيل؟

لذا فان المعلم ونظراً لمحورية دوره يحتاج الى نقلة نوعية في مهنته وحياته الأكاديمية ودرايته التقنية وحوافزه الوظيفية وأمانه الاجتماعي وقدراته الذاتية بحيث نتوقف عن النحيب كلما نظرنا الى نتائج الامتحانات الدولية أو اطلعنا على التقارير المختلفة.. ان التعليم كما الزراعة، كلما أحسنت الرعاية كلما أحسنت الثمار!

[email protected]

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين