بحث

أخبار اليوم

لم تنتصر غزة!!

  • 19:31
  • 2014-08-07

لاشك أن هذا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مختلف بكل أشكاله وأساليبه ومضامينه حتى في طبيعة وحجم الخسائر التي لحقت بالجانبين ، مقارنة بكل الحروب السابقة والانتفاضات الشعبية التي حدثت خلال مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي ،الأهم في الأمر من هي الجهة الفلسطينية الرئيسية التى تقود التصدي الميداني للعدوان الاسرائيلي الغاشم في هذه المرحلة ؟!! والاجابة هنا أن حركة حماس وماتمثله بإعتبارها الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين هي من قادت هذه المعركة بالرغم من المشاركة اللافتة لحركة الجهاد الإسلامي وبصورة أقل بقية القوى والمجموعات الفصائلية المسلحة ، لكن الغريبة أن قيادة حماس أثبتت بجدارة جهلها الكبير للعقلية الإسرائيلية الفاشية وعدم ادراكها للكثير من الأمور ، فهي وإن حققت بعض النجاحات العسكرية ميدانياً والكثير من النجاح المعنوي على الصعيد الشعبي ، فقد فشلت سياسياَ في إدارة المعركة بحكم العديد من الأسباب ووجهات النظر الحزبية والحسابات العقيمة في النظر لطبيعة المعادلات الإقليمية ، مما تسبب حتى الان في تحميل الشعب الفلسطينى أثمان باهظة في الأروح والممتلكات كان في غنى عن دفعها !!

 

حيث أن الخسائر الباهظة التي تكبدها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سواءاً كانت مادية أو بشرية ،التي لا تزال نتائجها الكارثية عصية على الحصر والتقدير ، أكدت أن المصلحة الحزبية طغت بشكل كبير على مصلحة الشارع الفلسطيني الغزي ، فلو أدركت حركة حماس بجناحها وقيادتها السياسية والعسكرية الظروف الغزية التي عاشها ويعيش المواطن طيلة السبع سنوات الماضية لما وصلنا إلى هذا الحد من الخسائر المأساوية ، ولا فقدنا ما يقارب أحد عشر ألف مواطن بين شهداء وجرحى جلهم من الأطفال والنسوة وكبار السن ، كما أنه يعتبر الرقم الأكبر على مدار عمر القضية الفلسطينية حتى خلال الانتفاضتين ، بالطبع سيخرج بعضهم ليقول أنها ضريبة الوطن وثمن الحرية !!! نعم حقاً انها ضريبة يدفعها الكل الفلسطيني منذ 66 عام إن لم نقل خلال القرن الماضي كله ، ولكن ليس بهذا الحجم من الخسائر فكان بإستطاعة حماس أن توجع العدو ولا تصل بالغزيين لهذا الحجم من المأساة الانسانية لو أنها منذ البداية إلتقطت اللحظة الحاسمة والمفصلية عند طرح المبادرة المصرية ومن ثم العمل على تحسين شروطها التفاوضية وتحقيق المطالب الانسانية المشروعة التي وضعتها على رأس أهدافها وفي مقدمتها وقف العدوان الغاشم ورفع الحصار الظالم لكنها تعاملت مع المواطن الغزي وهمومه ومعاناته على أنها فقط مجرد أرقام حسابية !! حتى باتت أشلاء ودماء الاطفال والنساء هي من تتصدى لنيران وحمم الآلة العسكرية الأقوى في المنطقة التي أوغلت في ممارسة القتل والتقتيل الممنهج والمبرمج بهدف كي الوعي الفلسطينى بالنار الإسرائيلية ، وخصوصاً أن غزة تحديداً على مر العصور كانت ولا زالت تدفع دوماً أغلى ما تمتلك من دمائها وأبنائها لأجل القضية الفلسطينية !!

 

إن ما حدث كان كارثة وجريمة فادحة بحق الإنسانية في غزة ولا شك أن الاحتلال الإسرائيلي من يتحمل كامل المسؤولية عن عدوانه البربري ، ومن حقنا كشعب فلسطيني خاضع للإحتلال ممارسة كل أشكال المقاومة المشروعة وفق القوانين الدولية للتخلص من هذا الاحتلال البغيض ، لكن هناك مسؤوليات وحسابات دقيقة على حركات المقاومة أن تضعها في رأس أولوياتها وإعتباراتها فالدمار الذي حل بهذه البقعة الصغيرة \\\"غزة\\\" لا يمكن وصفها أو ادراجها تحت أي مسمى ،يسعى البعض إلى تقديمه بأنه إنتصار مؤزر ، ولا يمكن اعتبار ذلك انتصاراً بالمطلق، حتى في حال تم الموافقة على كافة الشروط المطلوبة وهذا ما لم يتم حتى اللحظة !! ، بل إن ما هو متوقع هو مجرد تهدئة غير مشروطة تليها التهدئة الطويلة التي تخرج قطاع غزة لاحقا من معادلة الفعل طواعية وكأن كل الدماء التي سالت والمعاناة الهائلة التي حصلت كان الهدف منها الوصول إلى صيغة تحسين الظروف الحياتية والمعيشية لأهالي قطاع غزة بإعتبار أن أهم مطالب المقاومة وسقف أمنياتها متصلة برفع الحصار المفروض على قطاع غزة ، دون ربط ذلك بأي متطلبات سياسية للحقوق والثوابت الوطنية !!! وهو ما يتم التخوف منه أن تهدأ الأمور وتتوقف إلى هذا الحد دون تحقيق أدنى شيء من حقوق المواطن الفلسطيني في غزة ! فإلى أين ستأخذ حماس غزة خصوصاً بعدما اقترب موعد انتهاء التهدئة 72 ساعة ؟ فهل يجري تجديدها المرة تلو الأخرى على وقع عملية تفاوضية قاسية ولكن قد لا ينتج عنها الكثير من القليل المستهدف ؟ أم نعود من جديد إلى صب الزيت على النار ودق طبول الحرب التى لن تغير في المعادلة ونعود إلى المربع الأول؟!!!

كما أننا لا نستطيع نكران موقف جمهورية مصر العربية التي حاولت جاهدة بكل الطرق والسبل وقف العدوان ولكن كان الخلل والتعنت من حركة حماس التي رفضت من جانبها ومنذ اللحظة الأولى الورقة المصرية وأرادت إبراز الدور الموعود لكل من \\\" تركيا وقطر\\\" المستند إلى توجهات التنظيم الدولي لجماعة \\\" الإخوان المسلمين \\\" في محاولة بائسة تهدف إلى تهميش الدور المصري الذي لا يمكن الإستغناء عنه للكثير من الاعتبارات القومية والتاريخية والجغرافية والاستراتيجية ، ناهيك عن أنها حملت القضية الفلسطينية على عاتقها على مر تطورات الصراع العربي الإسرائيلي ، وبعدما فشلت حماس عادت من جديد إلى مصر تحت الغطاء الرسمى لمنظمة التحرير الفلسطينية ، مع أن وسائل الإعلام الحمساوية لازالت مصرة على التحريض الوقح ومعها الماكينة الإعلامية الإخوانية ضد الشقيقة الكبرى مصر وتحميلها المسئولية بما حدث من عدوان وإستمرار الحصار على قطاع غزة ، غير مدركة أن الحالة العربية الراهنة وتحديدا المصرية أصبحت تقرأ جيدا وتعلم أدق التفاصيل وتفهم وتتفهم ماذا تريد حماس من هذه الحملة الاعلامية والسياسية الموجهة ضد مصر منذ ثورة 30 يونيو !!!

ما يهمنا اليوم أن هذا المواطن الغزي المقهور الذي بات فاقداً لكل شيء من مقومات الحياة ، ماذا سيكون مصيره ؟ وأين ستعيش هذه العائلات التي هدمت منازلها ، ولاتجد أي مأوى لها الآن سوى الأماكن العامة ؟!!! ومن الذي سيتكفل بلملمة شملهم تحت سقف جديد ؟!! وكم من الوقت يحتاجون لإنهاء هذه الكارثة وإعادة بناء ما تم تدميره ومعالجة الجراحات العميقة التي تركها العدوان الغاشم وسوء إدارة المعركة من الجانب الفلسطينى ؟!! ومن هنا ستبدأ حركة حماس بالتملص من مسئوليتها وتحميل السلطة وحكومة التوافق القائمة شكلياً المسئولية !!

 

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين