بحث

أخبار اليوم

جريمة اغتيال أبو عين مُدبّرة

  • 16:46
  • 2014-12-11

عن شهود عيان (بما يزيد على عشرة أشخاص) هناك ما يؤكد أن عملية الاغتيال مُدبّرة ومُعدّ لها بعناية. فوجئ زياد أبو عين ورفاقه بالأعداد الكبيرة من قوات جيش الاحتلال ـ قوات تزيد بكثير ـ على أعداد هذه القوات في المواجهات المعتادة، وهذه بحد ذاتها مؤشر على أن العملية مُدبّرة وليست وليدة لحظة ما في المواجهة.
كما فوجئ زياد أبو عين بأن هذه القوات تواجدت في المكان وبهذه الأعداد في وقت مبكر عن وصول النشطاء إليه، وهو مؤشر على أن الاحتلال كان على معرفة وعلم سابقين وأن القوات التي تواجدت في المكان بهذه الكثافة جاءت مجهزة لمواجهة كبيرة، وهو مؤشر آخر على أن قوات الاحتلال قد دبّرت عملية الاغتيال بصورة مسبقة.
كان زياد أبو عين في الليلة الماضية تحديداً قد أرسل إلى كل النشطاء برسائل يدعوهم فيها إلى التواجد في المكان لزراعة الأرض، كردٍ على محاولات إسرائيل الاستيلاء على أرض الفلاحين الفلسطينيين في قرية ترمس عيّا، وكان قد طلب منهم المشاركة الفاعلة في هذه الفعالية ـ كما روى شهود عيان ـ وهو الأمر الذي يؤكد أن الاحتلال قد عرف بتواجد الشهيد على رأس الجموع التي أصرت على زراعة أرضها كناية عن تمسكها بهذه الأرض ودفاعاً عنها.
زياد أبو عين تقدم رفاقه وكان يصيح ويصرخ بأعلى صوته ـ حسب شهادة الشهود: ارحلوا عن أرضنا.. ارحلوا عن سمائنا.. عن هوائنا.. كل ما كان يحمله زياد هو شجرة زيتون ـ هذا هو سلاحه الوحيد ـ وكان ما قاله زياد وما طالب به هو رحيل الاحتلال عن الأرض والهواء والسماء ـ وهذه هي "جريمة" زياد التي "استحق" عليها الموت.
أن يمسك جندي احتلالي ـ خوذته الحديدية ـ ويضرب بها بكل قوته على صدر الشهيد وسط غيمة سوداء من دخان القنابل الصوتية والغازية، والضرب بقوة ومن عدة جنود على صدر الشهيد وسط هذا الدخان فهذه عملية اغتيال في وضح النهار.
ما هي الرسالة التي تريد إسرائيل أن توصلها من وراء اغتيال الشهيد أبو عين؟
الرسالة الأولى التي أرادت إسرائيل أن ترسلها إلينا مفادها أن الاستيلاء على الأرض والاستيطان وتسريعه وإعطاءه الأولوية المطلقة كلها أمور محسومة، وهي ليست معروضة ـ بالنسبة لإسرائيل ـ لأية مساومة أو مقايضة، وهي ليست خاضعة لأية ضغوط داخلية إسرائيلية أو خارجية دولية أو إقليمية، وان هذه السياسة هي السياسة الرسمية لإسرائيل وأحد ثوابتها وركائزها الأساسية.
وأما الرسالة الثانية التي أرسلتها لنا إسرائيل باغتيال زياد أبو عين هي أنه لا يوجد لمن يقف في وجه هذه السياسة حتى ولو كان يحمل في يده شجيرة زيتون أية حصانة مهما كان موقعه ودوره وأن ـ لا أحد ـ فوق أو خارج قائمة الموت والاغتيال.
هذه رسالة مهمة وخطيرة على وجه خاص، وهي مقصودة. أقول لا أحد خارج نطاق الاستهداف وليس ضرورياً أبداً أن تحمل مدفعاً حتى يضاف اسمك إلى القائمة.
إسرائيل تتوغل في القتل وفي الاغتيال وليس بعيداً اليوم الذي ستكون فيه قائمة الاغتيال والقتل قائمة معلنة وبأسماء كثيرة وكبيرة. وباغتيال زياد أبو عين فنحن أمام بداية المشهد ليس إلاّ.
الرسالة الثالثة التي ترسلها لنا إسرائيل هي أن الموت بانتظار كل النشطاء الذين يقودون ويخططون للمقاومة الشعبية باعتبار أن هذه المقاومة قد تحولت بالفعل إلى مرتبة "الإرهاب" من وجهة نظر إسرائيل. بمعنى آخر المقاومة الشعبية السلمية ستصبح عملاً "إرهابياً" والمطالبة برحيل الاحتلال ستتحول إلى شكلٍ من أشكال العنف والإرهاب، ومجرد إلقاء حجر على قوات الاحتلال سيتحول إلى عمل يستحق الموت أو السجن لمدة قد تصل إلى المؤبد.
وهكذا فإن التعبير السلمي عن رفض الاحتلال وسياسة الاستيطان والجدار والاستيلاء على الأرض سيتحول إلى "جرائم" كبيرة وهو ما ينذر بتحولات عنصرية ستقود المناطق المحتلة إلى حمامات دم وإلى ساحات عنف وعنف مضاد.
هذه الرسالة مزدوجة الأهداف، فهي من جهة رسالة إرعاب وتخويف ومن جهة أخرى رسالة استجلاب العنف لتبرير المزيد من القتل الإسرائيلي للفلسطينيين. 
أما الرسالة الرابعة والأخيرة فهي أن إسرائيل في مواجهة تمسك الشعب الفلسطيني بثوابته الوطنية وبتمسك هذا الشعب بالتصدي للاحتلال وبمقاومته بكل الأشكال الشعبية والسلمية ترى في ذلك خطراً يهدد أمن احتلالها، إضافة إلى ما تلحقه فلسطين بها من خسائر باهظة في الحقل السياسي والدبلوماسي وعلى صعيد علاقات إسرائيل الدولية ومكانتها وتدهور هذه المكانة وما يمكن أن يلحق بها من أذى وضرر فادح جراء محاكمتها في مؤسسات القانون الدولي. إسرائيل تتدهور داخلياً وتقامر دولياً وليس لديها غير القتل والاستيطان وسرقة الأرض وهي اليوم تقدم على جريمة لا تدرك أبعادها.
وعندما يتحول التغير في أي دولة من الدول إلى أشكالٍ مختلفة للتدهور فالويل لهذه الدولة لأن مستقبلها معبّد بطريق مستقيم واحد وهو طريق السقوط الحتمي.
جريمة اغتيال زياد أبو عين جريمة كبيرة ولن تمرّ مرور الكرام وسيكون لهذه الجريمة تبعات كبيرة ودمه لن يتحول إلى مادة انتخابية بالسهولة واليسر الذي خطط له المجرمون الذين أقدموا على اغتياله وقد ينقلب السحر على الساحر بأسرع مما يتصور القائمون على هذه الجريمة.

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين