بحث

أخبار اليوم

مدارات -

زياد أبو عين في علييْن

  • 16:54
  • 2014-12-11

على الدرب الذي اختار، راضياً سعيداً لافت الحماسة والاعتزاز بالنفس، قضى زياد أبو عين شهيداً مقاوماً. توجعت المسافة الطويلة، التي قطعها منذ أن بدأ رحلة كفاحة، ثم اعتقاله، وبعد أن لفظه السجن، وظل يستجمع حيويته ويكابد هذا الاحتلال الظلامي المجرم، فيمر مرور الكرام واللطفاء، على كل شأن تفصيلي آخر، ويركز على الهمّ الأكبر وتفرعاته من استيطان زاحف، وأرض على شوق للغرس، وحركة أسيرة كان منها وصار اليها في واجهة من يعنون بشؤونها وأوقاتها، وما تتعرض له حركتنا الرائدة «فتح» من تخرصات ومن فحيح أفاعٍ تحاول عبثاً تشويه صورتها. فعلى هذه الجبهات كلها، كان الشهيد زياد، محارباً شرساً، تُسمع نبضات قلبه في كل مناسبة، حتى جاءته الإصابة القاتلة، التي تقصدت شخصه ودوره، في «ترمسعيا» الزاهية، وهي مثال يستحث الذود عن وطن جميل ومجتمع مثابر وبريء، يتوخى حياة حرة كريمة!
طوبى لزياد الذي اختتم مشوار العمر، لكي يعود الى حضن الأرض، تاركاً لنا، براهينه الخاصة على سفالة هذا الاحتلال ووحشيته وكل ما يجعلنا أشد تصميماً على مقارعته وكنسه من الأرض التي نحب. فلم يكن الزميل والصديق والشهيد الغالي، يفعل شيئاً سوى ممارسة الشكل المتاح من المقاومة، وهو شكل يرفض الجدار العنصري الخانق ويقاومه، ويلبي نداء التراب الذي ينتظر الغرس. فالأشجار الواقفة، لها إسهامها في مقاومة الاستيطان العنصري الزاحف، والمناضلون هم صناع الحياة والأمل وحراس الأمنيات، بهم تنتظم خفقات القلب ويتخذ النُبل مساره على طريق النصر والاجتماع الإنساني والوئام بين الأمم، في الخط النقيض لمسعى هؤلاء المحتلين المتشبثين بالاحتلال، والأقبح والأكثر مدعاة للاحتقار في هذه الدنيا.
ستبقى تجربة ومناقب الشهيد الفارس زياد أبو عين، عضو المجلس الثوري لحركتنا، نبراساً للمناضلين ولطليعتهم، محفورة في تاريخ هذه الحركة، يحفظها الوطنيون في حدقات العيون، وواحدة من حكايات الإنسان الفلسطيني الذي أقرن الكلام بالعمل، وحمل روحه على كفه، منذ أن كان يافعاً، حتى الزفرة الأخيرة من حياته.
خسارة كبيرة لرجل غليظ على أعداء وطنه، رقيق مع أهله وشعبه، وتاريخ مشرّف. والأيدي الجبانة التي تضرب وتقتل، لم يكن تطاولها مستبعداً في حساباته وتوقعاته، لكنه ظل جسوراً تراه في كل موضع ينبغي أن يكون فيه. قضى زياد أبو عين، وهو يعطي لوطنه ولأرض الآباء والأجداد، ولأشجار الزيتون والهضاب، ولحركته التي تحابب فيها وخاصم عليها. ما أصعب أن يغيب، وما أشقى أن نبقى، وما أدعانا الى تعقب هذا العدو، لأخذه الى كل المنابر الدولية لإقرار العدالة ومكافحة الجريمة ومعاقبة القتلة وعزل دولتهم المارقة. رحم الله زياد وأسكنه فسيح الجنان.
[email protected]

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين