بحث

أخبار اليوم

ماذا ألمّ بنتنياهو .. حقاً لا أعرف !!

  • 14:55
  • 2016-12-04

 

بعد الفتاوى الحقوقية والدولية من قبل كبار القضاة الموظفين لدى الدولة العبرية، الحكومة والمحكمة العليا، حول عدم شرعية الاستيطان وفقاً للقانون الدولي، وهي تلك الفتاوى التي سبق وأن أشرنا إليها في مقال سابق خلال الأسبوع الماضي، إثر ذلك، شاعت تساؤلات عديدة لدى مختلف الأوساط الإسرائيلية فيما إذا تحول العاملون في مجال القانون والقضاء في إسرائيل ضد الدولة؟ ذلك أن الجميع يعلم في دواخله أن الاستيطان غير شرعي كما هو حال الاحتلال، وأن ليس هناك من استيطان مشروع وآخر غير مشروع تحت الاحتلال، إلاّ أن القضاء والمحاكم والقانون في إسرائيل كان دائماً يساير ما تريده السلطة التنفيدية في نهاية المطاف عندما يتعلق الأمر بأي ملف من الملفات المتعلقة بالصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، القانون والقضاء في إسرائيل، أكثر نزاهة عندما يتعلق الأمر بالملفات الداخلية الإسرائيلية فحسب! إلاّ أن الأمر لم يتوقف عن الدهشة والاستغراب من موقف قضاة الدولة العبرية حول المسألة الاستيطانية، ذلك أن هذه الفتاوى وظيفة هامة تتعدى الموقف الضميري بالتأكيد، فهي من جديد، توظف لصالح السلطة التنفيذية بامتياز مدهش، باختصار شديد نقول إن مجموعة الفتاوى هذه، تخدم رؤية نتنياهو "الجديدة" حول المسألة الاستيطانية وكيفية التعامل معها، فتاوى تقدم نفسها كخدمة ومرجعية قضائية ـ قانونية لهذه الرؤية التي هي أيضاً محل للدهشة والغموض. أليس من الغريب حقاً، أن يتذكر نتنياهو في الأيام الأخيرة، أن هناك محكمة دولية، هي محكمة لاهاي، تلك المحكمة التي تجاهلها وسخر منها كما فعل طوال الوقت مع القانون الدولي وسائر اللجان والمحاكم المنبثقة عنه، متى كانت حكومات اسرائيل على اختلاف مرجعياتها الحزبية، تخشى القانون الدولي أو المحاكم الدولية؟ متى سمحت الدولة العبرية، حتى للجان التحقيق الدولية، الدخول إليها أو الى الضفة الغربية وقطاع غزة، بهدف التحقيق في قضايا من صلب عمل القانون الدولي والمحاكم الدولية؟ متى لم تعامل الدولة العبرية عبر حكوماتها بازدراء وتنصل هذا القانون وهذه المحاكم ولجانها ومواثيق جنيف على اختلاف أرقامها وعلى رأسها ميثاق جنيف الرابع؟.. كيف لنتنياهو أن يقفز فوق كل هذا التراث المخجل لكي يسمح لنفسه بتأجيل بعد تأجيل لنقاش مسألة التسويات الاستيطانية متذرعاً ومحذراً من مغبة مثول دولته أمام محكمة لاهاي. ولم يكن نتنياهو وحيداً في هذا التأجيل المتواصل لاتخاذ قراءات وقرارات حول التسويات الاستيطانية الهادفة إلى تشريع الاستيطان وتسهيل عملية ضمها، كما تسهيل تمرير قرارات الاستيطان المتتالية والمتوالية فيما بعد، فها هو وزير المالية موشيه كحلون يعترض على مشروع القانون، وهو يترأس حزبا له عشرة مقاعد في الكنيست، ما يجعل هذا الاعتراض سبباً في رفض المشروع، ذلك أن الأمر سيتطلب أغلبية 61 نائباً من 67 مقعداً للائتلاف الحكومي، وها هو وزير الحرب الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، يسجل اعتراضه هو الآخر، ولكن انتظاراً لوصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خشية من أن تتخذ الولاية الحالية لأوباما في آخر أيامها، موقفاً معترضاً، خاصة وأن مؤشرات عديدة لدى ليبرمان تفيد أن ترامب سيقف "بالباع والذراع"، مع إسرائيل في ملفين أساسيين، الفلسطيني وإيران.. فلماذا الاستعجال ـ يقول ليبرمان ـ فالاستيطان على قدم وساق، ومسألة مستوطنة "عامونا" التي أقيمت على أرض فلسطينيين ـ كما هو حال كل المستوطنات، بإمكانها الانتظار وبدون تشويش لا فائدة منه. حاولت أن أحصل على تفسير منطقي لسياسة نتنياهو الاستيطانية الجديدة هذه، وهي سياسة لا تتعارض مع سياسة الاستيطان، ولكن فقط في اطار مشروع قانون التسويات المحدد بقضية "عامونا" فحسب، الا أنني فشلت في الواقع في ايجاد أي مبرر أو تفسير لهذه السياسة، الا أن بحثي عن مثل هذا التفسير، أوصلني إلى أن نتنياهو كان قد اعترض في السابق على فتوى قدمها قاضي المحكمة العليا المتوفى ادمون ليفي، يقرر فيها أن الوجود الإسرائيلي في "يهودا والسامرة" ليس احتلالاً وفقاً للقانون الدولي، لأنه لم تكن هناك سياسة لدولة أخرى في هذه المناطق، ويفسر البعض معارضة نتنياهو لفتاوى ليفي هذه في ذلك الوقت، ان الاستيطان بالصورة التي نشهدها اليوم، كان في الغالب يجري بهدوء، وببطء وبدراسة متأنية، خشية من فضح هذه العملية في وقت كانت المنظومة العربية قوية واعترافات بالدولة الفلسطينية مستمرة، بينما كانت الدولة العبرية تستجدي اعترافات دولية بها. خضع نتنياهو في ذلك الوقت لتداعيات مرحلة، أما اليوم، فما الذي يدفع نتنياهو الاستنجاد بالقانون والقضاء والتحذير من محكمة لاهاي، لتأجيل وربما وقف او ايجاد حل وسط لمشروع قانون التسويات.. لا أعرف حقاً. هناك فصل للسلطات في الدولة العبرية، إلاّ في حال عرض ملف الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، تذوب كل عناصر الفصل لتتحد في موقف واحد، لصالح السلطة التنفيذية، وهذه المرة، كما شأن كل مرة، انزوى الفصل لخدمة رؤية نتنياهو المختلفة!

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين