بحث

أخبار اليوم

نبض الحياة -

مبادرة تستحق الدعم

  • 12:14
  • 2018-02-22

تضمن خطاب الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن أمس الاول، مبادرة سياسية لتجاوز الاستعصاء الإسرائيلي الاستعماري، وردا على اعتراف إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. إذا ما تم التدقيق في جوهرها، نلاحظ انها لم تخرج عما حملته قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة الشهر الماضي، حيث أكد فيها الرئيس ابو مازن على الآتي: إنشاء آلية أممية (متعددة الأطراف)، تتجاوز التفرد الأميركي في رعاية عملية التسوية السياسية، والعمل على عقد مؤتمر دولي منتصف العام الحالي (2018)، تبادل الاعتراف بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية على أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967، وقف الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، ووقف كل الأعمال أحادية الجانب خلال فترة المفاوضات، ووضع سقف زمني لإنهاء المفاوضات، لا سيما وأن الملفات الأساسية تم بحثها بشكل مفصل أكثر من مرة، وباتت لا تحتاج لمزيد من البحث والنقاش، إلآ إذا قادة إسرائيل الاستعمارية سيواصلون خيارهم المعادي للسلام.

هذا وأبدت وزارة الخارجية الأميركية الاستجابة للرعاية الدولية متعددة الأطراف، عندما أعلنت المتحدثة باسمها، هيذر ناوورت، أن الولايات المتحدة تفكر بإضافة أطراف دولية أخرى لرعاية عملية السلام. لكن القيادة الإسرائيلية ممثلة برئيس الوزراء وباقي أركان ائتلافه نضحوا من وعائهم المعادي للسلام، عندما اعتبروا الرئيس عباس "غير معني بالسلام"، وأنه "يستحضر الخطاب القديم". ولو سأل المرء أولئك الإسرائيليين، ما هو الخطاب الذي يناسبهم؟ وما هو الخطاب القديم؟ وماذا يعني الخطاب الجديد؟ وهل غيرت القيادة الفلسطينية يوما منذ الانخراط في عملية السلام قبل 25 عاما خطابها؟ وما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية والرئيس ابو مازن؟ وهل عليه ان يتساوق مع مشروع نتنياهو وبينت وليبرمان الاستعماري لترضى إسرائيل؟ وماذا عن شعبه ودوره ومكانته كقائد للنضال التحرري الوطني؟ هل مطلوب منه التخلي عن مصالح شعبه لترضى إسرائيل الاستعمارية؟

من الواضح أن نتنياهو وفريقه الحاكم يلوكون ويجترون مواقفهم المعادية والمتناقضة مع ركائز عملية السلام، لأنهم ضد أي مبادرة لبناء صرح التسوية السياسية. ولهذا عملوا مع الإدارة الأميركية لوضع العراقيل والعقبات في طريق وصول الرئيس ابو مازن لمنبر مجلس الأمن، لأنه يعريهم أكثر فأكثر من خلال إعلانه وتمسكه بخيار السلام، ومن خلال استعداده للذهاب للمفاوضات وفق الأسس المعروفة والمحددة لإشادة صرح السلام. وبعدما وصل وألقى خطابة المهم، وما تضمنه من رؤية شجاعة لبلوغ تسوية سياسية تستجيب لمصالح كل الأطراف، وتنقذ شعوب المنطقة من براثن الحرب والعنف والفوضى والاستعمار، جن جنون القيادة الإسرائيلية، فهاجمته بخطاب ديماغوجي لا يستند لفكرة منطقية واحدة، وكل تصريحاتهم عكست عجزا فاضحا لديهم سوى ترديد كلمات ممجوجة.

وللأسف فإن عددا من ممثلي الفصائل الفلسطينية وقع من حيث لا يدري ربما!! فيما أرادته دولة الاستعمار الإسرائيلية، التي ترفض مبدأ السلام. ووقعت (الفصائل) في محاكمة خاطئة لمبادرة رئيس منظمة التحرير. فالمبادرة لا تستحضر أوسلو، خاصة وأن أوسلو قد دفنتها القيادة الإسرائيلية، وتستجيب بالجوهر لقرارات المجلس المركزي في دورته ال28. واهمية المبادرة أنها جاءت بعد جولات قام بها الرئيس عباس لعدد من الدول والأقطاب لاستشراف مواقفها من التطور اللاحق لاعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر 2017، وقام مع مطبخه السياسي باستخلاص حصيلة تلك الجولات، وخلص للنتيجة الشجاعة، التي تقدم بها، بهدف حماية الحقوق والمصالح الوطنية العليا. ولم ينشد الرئيس ابو مازن للخطاب الشعاراتي، وحرص انسجاما مع رؤيته الاستراتيجية لعملية السلام على محاكاة الواقع بشكل مسؤول.

لذا على الكل الفلسطيني ان يتريث قليلا قبل إصدار الأحكام، ويدقق في الواقع وتشابكاته العربية والإقليمية والدولية، وما يرمي إليه الأطراف الأخرى في المنطقة والعالم، ليكون موقفها موضوعيا ومنسجما مع الأهداف الوطنية.

[email protected]

 

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين