"ليعلم ابو مازن ان المحكمة الدولية لا تنتظر الإسرائيليين وحدهم"
تاريخ النشر : 2014-04-04 16:06

وكالات - صوت الحرية - "من السابق لأوانه رثاء فكرة تمديد المفاوضات لكن عمليا لم يعد هذا بالأمر الهام في ظل الشروط الجديدة التي نتجت خلال الساعات الـ 48 الماضية ولم يعد أي معنى لمواصلة المفاوضات لأنها ستأتي بانفجار أخر وأزمة أخرى بعد وقت قصير وفي كل الأحوال ستكون عديمة الجدوى، ومن هنا نرى في الأيام الأخيرة تطرفا في الموقف الفلسطيني مثل الموقف الذي يحول كل مفاوضات إلى فشل معروف مسبقا" قال المحلل العسكري الإسرائيلي روني بن يشاي في مقالة نشرها اليوم الجمعة موقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني.

وارجع المحلل روني بن يشاي ما اسماه بالتطرف الفلسطيني إلى ثلاثة أسباب هي: غضب محق على اخرق إسرائيل لتعهداتها الخاصة بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وصحيح ان اسرائيل لم تتعهد بإطلاق سراح أسرى يحملون الهوية الإسرائيلية لكنها تعهدت بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين على اربع دفعات كشرط لاستئناف المفاوضات إضافة إلى طرح عطاء للبناء في مستوطنة "غيلو" في وقت حساس جدا وشكل هذا القرار استفزازا غير ضروري وزائد عن الحاجة.

أما السبب الثاني فيعود لأسباب سياسية فلسطينية داخلية حيث عانت شعبية الرئيس عباس وحركة فتح من حالة تدهور وأفول ليس فقط مقابل حماس بل مقابل محمد دحلان ومؤيديه الذين حاولوا التشكيك في قيادة وزعامة أبو مازن وهنا أتاحت الأزمة مع إسرائيل لأبي مازن وحركة فتح إن يظهروا تصلبا وتصميما إيديولوجيا واستعراض عضلاتهم وبالتالي رفع شعبيتهم في ساعات تقريبا لدرجة أجبرت حتى حماس على كيل المديح لابو مازن.

لكن أهم أسباب تطرف الموقف الفلسطيني هو السبب الثالث من وجهة نظر "بن يشاي" والمتمثل بشعور القوة او على وجه أكثر دقة "ثمالة القوة " بعد أن شاهدوا في رام الله كيف انضغط نتنياهو والإدارة الأمريكية بعد أن وقع ابو مازن المواثيق والمؤسسات الـ 15 التي تخطط السلطة للانضمام إليها واستخلص الفلسطينيون العبر من حالة الضغط التي عاشها نتنياهو والأمريكان نتيجة هذه الخطوة فسارعوا بعد 25 ساعة إلى صياغة وتقديم وثيقة شروط أكثر تشددا وتطرفا ويمكننا القول بان إيفاد إسرائيل للوزيرة ليفني لتفاوض عريقات لعب دورا في خلق الموقف الفلسطيني المتطرف.

نبع حالة "ثمالة القوة" من تقديرات لدى الفلسطينيين مفادها أن إسرائيل والولايات المتحدة تخشيان وتخافان توجه الفلسطينيين للانضمام إلى مؤسسات الأمم المتحدة بالجملة وتوجه الفلسطينيين للأمم المتحدة بطلب الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وقانع الفلسطينيون أنفسهم بأنهم نجحوا بإيجاد والعثور على الوصفة السحرية التي يمكنها أن تخضع إسرائيل كما نجح المجتمع الدولي في إخضاع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ومسحت هذا النظام من الخارطة السياسية.

وتقوم الوصفة الفلسطينية على فكرة خوض معركة سياسية تنتهي بتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية وذلك بالتوازي او التزامن مع انتفاضة شعبية في الأراضي الفلسطيني يسمونها "انتفاضة مخففة" بما يعني استخدام انتقائي محدد للأسلحة النارية والإكثار من المظاهرات وعمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة لكن دون ممارسة "إرهاب" حقيقي يسيء ويضر بالقضية الفلسطينية.

كما يعتقد الفلسطينيون بأنهم اكتشفوا السلاح المدمر من وجهة نظرهم والمتمثل بتوقيعهم على اتفاقية "روما" التي تسمح لهم بمقاضاة الإسرائيليين كمجرمي حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وهذه هي أسباب "ثمالة القوة" التي تشعر بها القيادة الفلسطينية حسب تعبير "روني بن يشاي".

وأضاف المحلل الإسرائيلي "للأسف الشديد فان إسرائيل هي من منح الفلسطينيين هذا الشعور ووجهتهم نحو مواقفهم الأخيرة عبر سماحها لهم بالتنصل من تعهداتهم بحجة إن هذا التنصل عبارة عن ضربة انتقامية ردا على ما قامت به إسرائيل نفسها ويمكن لنتنياهو ووزير الإسكان اوري ارئيل ان يسجلا لأنفسهم امتياز خلق الوضع الراهن.

وكما يقول المثل "لا فائدة من البكاء على الحليب الذي انسكب" فان كافة الأطراف والفلسطينيين على وجه التحديد موجودين في دوامة طالما لم يخرجوا منها لا فائدة او معنى من استمرار المفوضات طالما بقي أبو مازن وقيادة فتح تحت تأثير "سكر" القوة وثملين بقوتهم ويعتقدون بأنهم اكتشفوا "الكرة الذهبية" التي ستمنحهم مرادهم دون الحاجة لتقديم تنازلات في أي مجال وطالما بقوا ممتطين موجات الفرح الفلسطينية المتدفقة حاليا فلا يوجد أي فرصة لتحقيق أي شيء من خلال المفاوضات.

لذلك يجب على إسرائيل أن تعمل بتعاون وثيق مع الولايات المتحدة على إيجاد مخرج يتيح للفلسطينيين الخروج من الدوامة التي وضعوا أنفسهم فيها وفي البداية يتوجب على نتنياهو ان يتوصل إلى تنسيق تام مع الإدارة الأمريكية حتى وان اضطر آن يدفع ثمن سياسي مقابل هذا التنسيق او حتى إصدار إعلان يعرب فيه عن استعداده لإطلاق سرح الأسرى خاصة وانه سبق وان أعلن ذلك عمليا وكذلك يجب على نتنياهو ان يعلن استعداده لتجميد الاستيطان وكل هذا بهدف شراء التعاون الأمريكي والأوروبي وضمان موقفهم في الساحة الدولية اذ يجب على الفلسطينيين ان يدركوا تماما ودون أي شكل بان المجتمع الدولي لن يمنحهم مرادهم حتى وان اضطر الرئيس الأمريكي باراك اوباما لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن ويمكننا ان ننظر للتنازلات الإسرائيلية سابقة الذكر كنوع من "الغرامة " على الأعمال الاستفزازية التي قامت بها مؤخرا فيما يتعلق بالدفعة الرابعة من الأسرى.

والخطوة الثانية التي يجب على إسرائيل تنفيذها وتتمثل بضرورة نزع شهية الفلسطينيين المتعلقة بالتوجه للمحكمة الدولية في لاهاي خاصة وان هذا الأمر يدغدغ ابو مازن كما يبدو أكثر من حصوله على اعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 لأنه يعلم بان رفاقه في قيادة فتح وكذلك الشارع الفلسطيني سيتمتعون لرؤية ضباط إسرائيليين معتقلون واحد اثر الأخر في مطارات العالم فلا يوجد شيء يمكنه ان يرفع معنويات الفلسطينيين ويطلقها إلى عنان السماء أكثر من إلحاق الأذى والاهانة بإسرائيل لذلك يجب على إسرائيل أن توضح لابو مازن ورجاله بان أي دعوى قضائية سيتم رفعها للمحكمة الدولية ستواجه برد مماثل من قبل إسرائيل وحلفاؤها.

صحيح أن إسرائيل لم توقع على ميثاق روما ولا تتمتع بوضع قانوني في المحكمة الدولية لكن هذه القضية يجب دراستها بعناية تامة وان نجد لأجلها أفضل العقول القانونية لفهم البناء القانوني الذي يتيح تقديم قضايا " بالجملة" يمكنها أن تجلب ابو مازن ورجاله للمثول امام المحكمة بتهم تنفيذ وتخطيط وإرسال آخرين لتنفيذ عمليات "إرهابية" قاتلة.

وهناك الكثير من العقول القانونية التي يمكنها القيام بذلك وعلى الفلسطينيين أن يأخذوا هذا الأمر بحسبانهم وتعتبر معاجلة هذه القضية بالنسبة لإسرائيل أمرا عاجلا اذ طالما اعتقد الفلسطينيون بقدرتهم على إجلاس القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على مقاعد المتهمين في المحكمة الدولية لن يكونوا مستعدين للتوصل الى تسويات ولن يرضيهم اقل من استسلام إسرائيلي كامل.

واختتم بن يشاي تحليله بالقول "طالما لم توضح إسرائيل والولايات المتحدة للفلسطينيين بان شعور القوة الذي ينتابهم هو شعورا زائفا لا يستند إلى أي وقائع أو حقائق على الأرض لن يكون بالإمكان استئناف المفاوضات وحتى وان تم ذلك فلن تؤدي هذه المفاوضات إلى أي نتيجة.