اخر رسائل مركيز لزوجته واصدقائه ومحبيه
تاريخ النشر : 2014-04-19 14:05

صوت الحرية - وكالات

 رحل يوم الخميس احد اعمدة الادب الكاتب الكبير الكولومبي غابرييل غارسيا مركيز, الحاصل على جائزة نوبل في الأدب, عن عمر ناهز 87 عاما.

وكتب مركزي اخر رسائله الى زوجته واصدقائه قبل اسابيع من موته فقال\\\": لو شاء الله أن يهبني شيئًا من حياة أخرى، سوف أستغلها بكل قواي.. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور، وسوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام، وسأبرهن للناس كم يخطئون لو اعتقدوا أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، فهم لا يدرون أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق\\\".

ويقول في رسالته أيضًا: «يا إلهي.. لو أن لي قليلاً من الوقت لكنت كتبت بعضًا مني على الجليد وانتظرت شروق الشمس. كنت سأرسم على النجوم قصيدة (بنيدتي) وأحلام (فان كوخ) كنت سأنشد أغنية من أغاني (سرات) أهديها للقمر، لرويت الزهر بدمعي، كي أشعر بألم أشواكه، وبقبلات أوراقه القرمزية.. وسأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، ولو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على الأرض ليس فقط عاري الجسد، وإنما عاري الروح أيضًا».

«يا إلهي.. إذا كان مقدرًا لي أن أعيش وقتًا أطول، لما تركت يومًا واحدًا يمر دون أن أقول للناس أنني أحبهم، أحبهم جميعًا، لما تركت رجلاً واحدًا أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندي، كنت عشت عاشقًا للحب».

وبروح مُقبلة على الحياة وفي تحدٍ واضح للموت، أكمل ماركيز رسالته قائلاً: «يا إلهي، لو أن ليّ قليلاً من الوقت، كنت سأمنح الطفل الصغير أجنحة وأتركه يتعلم وحده الطيران، كنت سأجعل المسنين يدركون أن الشيخوخة ليس هو الذي يجعلنا نموت، بل الموت الحقيقي هو النسيان.. كم من الأشياء تعلمتها منك أيها الإنسان، تعلمت أننا جميعًا نريد أن نعيش في قمة الجبل، دون أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل، تعلمت أنه حين يفتح الطفل المولود كفّه لأول مرة تظل كفّ والده تعانق كفّه إلى الأبد، تعلمت أنه ليس من حق الإنسان أن ينظر إلى الآخر من أعلى إلى أسفل، إلا إذا كان يساعده على النهوض، تعلمت منك هذه الأشياء الكثيرة، لكنها للأسف لن تفيدني لأني عندما تعلمتها كنت أحتضر».

كما تمنى «ماركيز» في هذه الرسالة أيضًا، قائلاً: «لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائمًا، لكنت احتضنتك بقوة، ولطلبت من الله أن يجعلني حارسًا لروحك. لو كنت أعرف أن هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها تخرج من الباب لكنت احتضنتك، وقبّلتك، ثم كنت أناديك لكي احتضنك وأقبّلك مرة أخرى. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر مرة أسمع فيها صوتك لكنت سجلت كل كلمة من كلماتك لكي أعيد سماعها إلى الأبد. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر اللحظات التي أراك فيها لقلت لك (أنني أحبك) ولتجاهلت بخجل أنك تعرف هذا فعلاً».

وبتفاؤل لا يضاهيه تفاؤل، قال الروائي الكولومبي جارسيا ماركيز، في رسالته الأخيرة، وبتفكير عاشق يافع: «الغد يأتي دائمًا، والحياة تعطينا فرصة لكي نفعل الأشياء بطريقة أفضل. ولو كنت مخطئًا وكان اليوم هو فرصتي الأخيرة فإنني أقول كم أحبكم، ولن أنساكم أبدًا. ما من أحد، شاباً كان أو مسنًا، واثق من مجيء الغد، لذلك لا أقلّ من أن تتحرك، لأنه إذا لم يأتِ الغد، فإنك بلا شك سوف تندم كثيرًا على اليوم الذي كان لديك فيه متسعًا كي تقول أحبك، أو لأن ترسل لهم أمنية أخيرة أو تبتسم أو تأخذ حضنًا أو قُبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب، لذا عبّر عما تشعر به دائمًا، وافعل ما تفكر فيه».

ونراه يتوجه بنصائح يقول فيها: «حافظ بقربك على من تحب، أهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل (أفهمك، سامحني، من فضلك، شكرًا)، وكل كلمات الحب التي تعرفها، فلن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها، وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك». انتهت رسالة «ماركيز» الأخيرة، ولكن لن ينتهي تأثير كلماته وكتاباته.