جنرال إسرائيليّ:من الصعب جدًا تعقّب حزب الله وحماس والعمق سيتضرر كثيرًا بالمواجهة المقبلة
تاريخ النشر : 2015-09-12 13:25

القدس - صوت الحرية / البيئة الإستراتيجيّة الحاليّة المُحيطة بإسرائيل تتميّز بعدم الاستقرار وفي إمكانية التفجّر بكلّ لحظةٍ، خلافًا لما كان سائدًا في الماضي، وبالتالي على المسؤولين عن جميع الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة أنْ يتصرّفوا بمسؤوليةٍ كبيرةٍ لفهم الواقع. لماذا بمسؤولية؟ لأنّ البحث المخابراتيّ الإسرائيليّ يتواجد منذ عدّة سنوات، بمعانٍ كثيرةٍ، في أزمة رؤية وتقدير، هذا ما يخلُص إليه الجنرال إيتاي بارون، الذي خرج إلى التقاعد من الجيش الإسرائيليّ، بعد أنْ خدم على مدى عشرات السنوات في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، وتحديدًا في وحدة البحث والتخطيط. أقواله جاءت في كُتيبٍ أصدره مؤخرًا، وسمحت الرقابة العسكريّة بنشره كاملاً للجمهور، كما قال اليوم الجمعة مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل.

وبحسب الجنرال الإسرائيليّ فإنّه بسبب التعقيد في المحيط الإستراتيجيّ المُتغيّر بسرعةٍ شديدةٍ فإنّه من غير المُستبعد أنْ تقع أخطاء صعبة، وبالتالي يتحتّم على المسؤولين في الاستخبارات أنْ يكونوا على مستوى هذا التحدّي الخطير، المُركّب والمُعقّد، لفهم الحاضر وتزويد المستوى السياسيّ بما يُخبئ لإسرائيل المستقبل القريب والبعيد على حدٍ سواء.

ولفت الجنرال أيضًا إلى أنّ البحث المخابراتيّ يجب أنْ يُعالج الأحداث الناتجة عن ديناميكيّة، التي في أساها لم يُخطط لها من ذي قبل من قبل صنّاع القرار. وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ على أنّ إسرائيل تتعرّض اليوم لتحدّيات جديدة لم تكُن قائمة في الماضي، مثل حزب الله اللبنانيّ وحركة حماس الفلسطينيّة، وهاتان الحركتان، يؤكّد الجنرال، من الصعب على المخابرات الإسرائيليّة أنْ تعرف عنهما أشياءً وأمورًا كثيرة، الأمر الذي يمنع الجيش الإسرائيليّ من توجيه الضربات لهما، على حدّ تعبيره. ومضى الجنرال بارون قائلاً إنّ التحدّي الثالث أمام المخابرات الإسرائيليّة، هو تحدي السرعة، إذ أنّ سرعة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، يُلزم أحيانًا المستوى السياسيّ باتخاذ قرارات سريعة.

وبرأيه، فإنّ التحدّي الرابع يكمن في المُتغيّرات، وتحديدًا المتغيّر الذي يشمل ثورة العلوم، إذْ أنّ المخابرات تقوم في هذه الحقبة بجمع المعلومات من مصادر عديدة، الأمر الذي يُغرقها بالمعلومات، وبالتالي يتحتّم عليها أنْ تُفرّق بين الغث والسمين، على حدّ قوله. وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ على أنّ الكُتيّب الذي أصدره هو نتاج عمل متواصل في المخابرات العسكريّة، 30 عامًا، سواءً من ناحية النجاح أوْ من ناحية الفشل في المُواجهة اليوميّة مع المُتغيّرات السريعة وعدم الاستقرار الذي بات يُميّز الوضع في منطقة الشرق الأوسط.

ولفت المُحلل هارئيل إلى أنّ هذا الإصدار مهم للغاية لأنّ الجنرال بارون هو من جيل الجنرالات الذين لم يكونوا شاهدين على الهستيريا التي ألمّت بالمستويين الأمنيّ والسياسيّ في حرب أكتوبر من العام 1973، حسبما ذكر. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الفشل في حرب العام 1973 من الناحية الاستخباراتيّة ما زال حاضرًا وبقوةٍ كبيرةٍ في الكُتيّب، حيث يقول الجنرال الإسرائيليّ إنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ تُباغت إسرائيل بمفاجأة إستراتيجيّةٍ كبيرةٍ وخطيرةٍ جدًا، وبالتالي لمنع هذه المفاجأة يقول بارون على الجيش الإسرائيليّ بناء القوّة العسكريّة، تفعيل المخابرات العملياتيّة والمُخابرات لتحقيق الأهداف.

وعلى الرغم من ذلك، يُشدّد الجنرال الإسرائيليّ في إصداره الجديد على أنّ المعلومات التي تحصل عليها المخابرات الإسرائيليّة تكون دائمًا ناقصة، وبالتالي يقترح على المسؤولين التيقظ والحذر والتعبير عن شكوكهم في المعلومات التي تصلهم تباعًا. وبرأيه، فإنّ الـ”هزّة الأرضيّة” التي تعصف بالعالم العربيّ منذ عدّة سنوات، تُلزم المخابرات الإسرائيليّة بتوسيع نطاق عملها، وزيادة أبحاثها، وعدم الاعتماد على رؤية واحدة وواضحة، لأنّ من شأن ذلك أنْ يعود سلبًا على المصالح القوميّة للدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ وزن الشعوب العربيّة بات أهّم بكثير من الماضي، ولا يُمكن بعد اليوم الاعتماد على الزعماء العرب، الذي يجلسون في مكاتبهم، إنمّا يجب الالتفات جدًا إلى ما يحدث في الساحات والميادين بالوطن العربيّ، على حدّ تعبيره.

وساق قائلاً إنّ الشرق الأوسط في العام 2015 يختلف كليًّا عن الشرق الأوسط الذي عرفناه حتى قبل عدّة سنوات، فالدول مثل سوريّة، العراق، اليمن والسودان، تغيّرت حدودها، وتنامى بشكلٍ كبيرٍ الانتماء الدينيّ على حساب الوطنيّ-القوميّ، وحذّر من أنّ التهديد الرئيسيّ الذي يُواجه إسرائيل هو ليس هجومًا مثل الذي وقع في حرب أكتوبر من العام 1973، إنمّا من تردٍ سريع وتصعيدٍ الذي من شأنه أنْ يؤدّي إلى حرب إقليميّةٍ طاحنةٍ، والتي من شأنها أنْ تضرب العمق الإسرائيليّ بشدّةٍ، كما قال الجنرال بارون. علاوة على ذلك، نوّه الجنرال الإسرائيليّ إلى أنّ مهمة المخابرات هي ليست تنبؤ المستقبل، بلْ مُساعدة صنّاع القرار على اتخاذ القرارات، وبالتالي يقترح زيادة التعاون بين المخابرات وبين صنّاع القرار لمنع المفاجأة القادمة.