دلالات استدعاء الرئيس للسفير زملط من واشنطن
تاريخ النشر : 2018-05-16 13:48

بناءا على تعليمات سيادة الرئيس محمود عباس قامت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية باستدعاء سفيرنا في واشنطن الدكتور حسام زملط ويأتي ذلك بعد يوم من افتتاح سفارة ترمب في المدينة المقدسة وما يحمله هذا الاجراء الامريكي اعتداء خطير على حقوقنا التاريخية الثابتة في مدينة القدس باعتبارها مدينة محتلة من قبل الاسرائيليين ..

نقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس المحتلة والذي لم يجابه بأي رد عملي ملموس من دول العالم حيث اكتفت دول العالم بما فيها العربية والاسلامية بالتحذير من خطورة هذا الاجراء البغيض على مساعي احلال السلام ..

تركيا تقدمت في موقفها حيث اعلنت طرد السفير الاسرائيلي من اراضيها احتجاجا على المجزرة البشعة التي اتكبتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في غزة ضد اهلنا ولم يكن احتجاجا على نقل سفارة ترامب الى القدس وانا شخصيا ارى ان هذا الموقف التركي لا يخرج عن كونه عمل استعراضي مسرحي لا اكثر ..

فاردوغان الذي يشارك الاسرائيليين في الاحتفال بذكرى قيام دولتهم ويتبادل معهم المشاريع التجارية الكبرى وينفذ مع جيشهم المناورات التدريبية لن يكون هو المخلص لشعبنا وما اجرائه الذي يتفهمه الاسرائيليين ما هو الا لتكريس نفسه في بلده وللسعي لابقاء شعبيته على حالها في تركيا ...

لكن لفت نظري اكثر موقف دولة جنوب افريقيا الذي تفوق على الاشقاء والاخوة في العروبة والدين ولا ارى في هذا الموقف ما اراه في الموقف التركي فشعب منديلا من اكثر الشعوب الذين تعرضوا للظلم والاستكبار ولانهم كانوا ضحايا العنصرية فلا نستغرب موقفهم هذا بالتعاطف مع اقرانهم ضحايا العنصرية الاسرائيلية والظلم والاستكبار الاحتلالي ضدنا ...

بكل الاحوال وامام جريمة نقل سفارة ترامب الى القدس لابد من موقف سياسي فلسطيني ومن هنا تأتي خطوة استدعاء سفيرنا في واشنطن ولكن هذه الخطوة الفلسطينية المتقدمة يجب ان توضع في سياقها الصحيح وهو ان العلاقة الفلسطينية الامريكية تمر في اسوأ احوالها بعد فتح الامريكان لنا ابواب البيت الابيض في عهد الرؤساء السابقين للولايات المتحدة باعتبار ان امريكا كانت راعية عملية السلام ..

اما اليوم فهاهي الادارة الامريكية التي يتربع على عرشها غلاة اليمين المتطرف الامريكي والصديق لدولة الاحتلال تتنكر للحقوق الفلسطينية الثابتة وفقا لقرارات الشرعية الدولية وتنحاز لابغض احتلال على وجه الارض ومن هنا فاننا نلاحظ هذا التغيير الخطير في الموقف الامريكي في التعاطي مع القضية الفلسطينية هذا الموقف الذي يضع ترامب واعوانه في خانة الانحياز للظلم والاستكبار الاسرائيلي والذي يسقط عنه وعن بلاده صفتها كراعية لعملية السلام بالنظر لهذا الانحياز الاسود للرواية الاسرائيلية ..

لاشك ان اعلان ترامب بشأن القدس جوبه برفض مطبق من قبل المجتمع الدولي ولكن هذا لا يعني ان الشعب الفلسطيني وقيادته لديهم خيارات واسعة للرد على الانحياز الامريكي لدولة الاحتلال فخياراتنا محدودة جدا حتى لو وصلت حد سحب سفيرنا من واشنطن ... المهم في الموضوع هو ان صورة العلاقة الفلسطينية الامريكية اصبحت واضحة تماما وهذا ينبأ بدخول القضية الفلسطينية في ظروف سياسية جديدة خصوصا بعد نقل السفارة الى القدس والاعلان عن وقف المعونات الامريكية للشعب الفلسطيني في وقت يمر فيه الوطن العربي باوضاع سياسية وعسكرية وانشغال عواصم مهمة بهمومها والتي من شأنها أن تساهم في التغطية على جرائم الاحتلال المدعومة بالضوء الاخضر الامريكي ...

بعد كل هذا فانني ارى ان استدعاء سفيرنا من الولايات المتحدة الامريكية الذي جاء ردا على الاعلان الترامبي بشأن القدس ونقل السفارة اليها ينبأ بزلازل وبراكين سياسية خطيرة ستعصف بالاوضاع هنا ...اذا لم يكن هناك موقف دولي حازم من الاحتلال الاسرائيلي والانحياز الامريكي له واعتقادي ان هذا الموقف لن يكون ..لذلك يا شعبنا ما حك جلدك مثل ظفرك والخطابات الرنانة لن تعيد حقوق الشعوب المسلوبة ..

فالاحتلال يجب ان يدفع فاتورة جرائمه والاغاني والقصائد قد تلهب المشاعر لكنها لا تشفي الغليل لهذا السيل الجارف من دمائنا التي سالت على حدود غزة ..واستدعاء سفيرنا من واشنطن لا يغلق سفارة ترامب في القدس لكنه يضع علاقتنا من الامريكان في سياقها الصحيح ...وعلى ما يبدو ان غصن الزيتون انتهى دوره ولتكن بندقية العاشقين خيارنا ...