وبعدين؟!
تاريخ النشر : 2019-07-07 13:32

 

حالة الإحباط المنتشرة بين كافة فئات المجتمع الفلسطيني أدت الى انتاج مرحلة جديدة أشبه ما تكون بالموت السريري للمواطن بعد أن كفر في أغلب ما يحيط به، هذا المشهد نستطيع مشاهدته بوضوح بواسطة العين المجردة أينما تواجدنا في المقهى، الشارع، المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأهلية، حتى المواطن الذي لا حول له ولا قوة ويعيش فقط على لقمة العيش يوم بيوم أصبح دائم السؤال بقوله: "وبعدين؟؟؟"

 

هذه الكلمة البسيطة "وبعدين؟!" قد تكون سؤال؟ وقد تكون تعجب! وقد تكون إستنكار صامت؟! وبعد التمحص والفحص في هذه الكلمة من خلال تحليل ما أسمعه بشكل يومي من الدوائر المتنوعة التي أتعامل معها؛ وجدت بأن الكُل الفلسطيني يستخدم هذه الكلمة التي التي تحمل في طياتها العديد العديد من المعاني والمضامين على سبيل المثال لا الحصر:

 

وبعدين مع الدولار؟! وبعدين مع الحكومة؟! وبعدين مع "حماس وفتح"؟! وبعدين مع الأسعار؟! وبعدين مع البلدية؟! وبعدين مع وزارة المالية؟! وبعدين مع الكهرباء؟! وبعدين مع إسرائيل؟! وبعدين مع الحرامية؟! وبعدين مع الجسر؟! وبعدين مع البنك؟! وبعدين مع المستوطنين!؟ وبعدين مع "نتياهو"؟! وبعدين مع العرب!؟ وبعدين مع أمريكا؟! وبعدين؟! وبعدين؟! وبعدين؟!

 

ولكي أكون صادق معكم أعزائي القُرّاء، أغلب من يقول وبعدين في القضية التي تعنيه هو جزء من الحل والمشكلة في ذات الوقت، بمعنى بما أنك متأثر من قضية ما فأنت جزء منها سواء كنت مستقبل لها أو مرسل، فيجب أن لا تتخذ موقف المُشاهد وتلعن الظلام بالقول وبعدين؟!

 

والأخطر من ذلك بأن الكثيرين يختبؤون خلف هذه الكلمة وكأن لا شيئ يعنيهم!؟ ويبدؤون بطرح وجهات نظرهم الإستعلائية بنكهة التهكم وكأنهم يملكون مفاتيح الحل والربط، وجزء آخر يستفيد من هذه الكلمة بلعبه دور المشاهد المُنساق ضمن شعار" معاهم معاهم... عليهم عليهم" أو "اللي بتجوز إمي أقول له يا عمي".

 

أما المتضرر الأكبر من كل الأحداث المحيطة ويردد كلمة وبعدين هم الجمر المُنتظر هبوب الريح لنثر كل هذا الرماد المحيط واشعال النيران في مواقع متنوعة غير متوقعة، بالتأكيد لا أحد يعلم متى هبوب هذه الريح؟ ومن يستطيع السيطرة عليها؟

 

وهناك من يسأل وبعدين مع هذه الريح المنتظرة... متى ستأتي؟ هذا يأخذنا الى زاوية أخرى قد تحتاج الى مقال آخر جديد، بمعنى حالة الإنتظار لحدوث فعل معين هي مأساة أخرى ويجب أن لا ننتظر مرحلة ما بعد "البعدين" أن تأتي وحدها دون أي فعل يومي كل حسب موقعه وما يسمو له من تغيير على أي صعيد كان.