المشتركة تتحدى تحريضهم
تاريخ النشر : 2019-11-25 09:29

بعبع الفلسطيني العربي اينما كان يؤرق غلاة الصهيونية، ويقف كالطود أمامهم شامخا متحديا أكاذيبهم، وأضاليلهم وكل ادعاءاتهم، كونه حقيقة قائمة، وراسخة في الأرض الفلسطينية، وكل معلم من معالم دولة الاستعمار الإسرائيلية التي قامت على انقاض نكبة العام 1948 يشير لهم، ولجذورهم المتجذرة والراسخة في كل بقعة من النهر إلى البحر. مما يضع الف علامة سؤال أمام القادة والخبراء وحتى عامة اعضاء المجتمع الإسرائيلي بحثا عن إجابة سؤال المستقبل، والكيفية، التي يفترض ان يتم التعامل فيها مع اصحاب الأرض الأصليين، هل يكون الجواب الترانسفير، أم التعايش، أم بمواصلة التحريض، والحصار، والملاحقة، او عبر مبدأ "فرق تسد" فيما بينهم، ام بشطب هويتهم وحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ام بحرمانهم من المساواة والمواطنة، وإدارة الظهر لحق تقرير مصيرهم؟
اسئلة كثيرة تراود قادة وزعماء الأحزاب والأجهزة الأمنية والقيادات السياسية الصهيونية. النتيجة المتبلورة منذ زمن ما بعد النكبة وجود انقسام بين النخب الأكاديمية والسياسية والأمنية. لكن الموقف الأكثر بروزا وتسيدا في المشهد الإسرائيلي، هو موقف التيارات اليمينية والحريدية المتطرفة، التي تعتقد ان الخيار الأمثل من وجهة نظرهم يتمثل في مواصلة التحريض عليهم، وإبقائهم في عوازل ديمغرافية وثقافية، وتضييق الخناق من حولهم، وعدم السماح لصوتهم بالارتفاع للتعبير عن هويتهم ومعاناتهم، وهمومهم ومشاكلهم على مختلف الصعد والمستويات، والحؤول دون تمثيلهم في الكنيست والمنابر الأكاديمية والقضائية والثقافية والاقتصادية قدر ما يستطيعون.
لكن الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية ونخبهم وقياداتهم السياسية والحزبية والثقافية بتجربتهم التاريخية ومعرفتهم الجيدة بمكونات ومركبات المجتمع الإسرائيلي الصهيوني، ادركوا وتعلموا كيفية الرد على أعداء التعايش والسلم الأهلي، وتجملوا بخطابهم السياسي الواقعي، وشعاراتهم العقلانية، وتحدوا العنصرية وأدواتها، وواصلوا الإمساك بناصية تأكيد حضورهم في كل المؤسسات والمواقع، التي لا تتعارض وانتماءهم لأرضهم وشعبهم وروايتهم، وحققوا إنجازات هامة في أكثر من ميدان وحقل، واهمها حضورهم المتميز بالمعايير النسبية في المؤسسة التشريعية الإسرائيلية (الكنيست). الأمر الذي اثار حفيظة اليمين المتطرف بكل مسمياته والوانه ومشاربه الصهيونية، مما دفعه لتوسيع وتعميق عملية التحريض العنصرية لاستهداف أعضاء الكنيست من النواب اليهود والعرب أعضاء القائمة المشتركة.
ولعل من راقب الحملة المسعورة، التي قادها بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة تسيير الأعمال بعدما فشل في تشكيل الحكومة، ومع صعود منسوب إمكانية تشكيل حكومة أقلية بزعامة غانتس بدعم من القائمة المشتركة عشية انتهاء التكليف، يكتشف ان زعماء التطرف والإرهاب الدولاني المنظم في الدولة الإسرائيلية، الممثلون بائتلاف الحكم المتطرف المهزوم فقدوا توازنهم، وأطلقوا العنان للسان حالهم العنصري والفاشي في تحريضهم على زعماء وأعضاء القائمة المشتركة، وهو تحريض لعصابات التطرف الصهيوني باستباحة دمائهم وحياتهم، وإفلات قطاع الطرق و"شباب التلال" و"تدفيع الثمن" وغيرها من المسميات لتلك العصابات الإجرامية لملاحقتهم، وملاحقة كل فلسطيني عربي في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة دون وازع أخلاقي أو سياسي أو قانوني. لأنهم يرفضون من حيث المبدأ الوجود الفلسطيني، ويرفضون التعايش معهم، ويسعون بكل ما أوتوا من مقدرة على النيل من الفلسطينيين العرب أصحاب الأرض والتاريخ، والذين لا وطن لهم سوى فلسطين بغض النظر عن اسمها الآن.
والدرس الذي يفترض على جماهير الشعب الفلسطيني في الـ48 عموما وأعضاء الكنيست خصوصا، وأحزابهم وقواهم السياسية ولجنة المتابعة العليا ان يتعلموه ويستخلصوه، وهو ان وجودهم وثقلهم في الكنيست شكل ويشكل صفعة قوية ومؤثرة في المركب السياسي الإسرائيلي، وباتوا رغما عن نتنياهو وليبرمان وسموتيريطش وغليك وبينت وشاكيد وريغف وكل زعران وقطاع الطرق الصهاينة رقما اساسيا في المعادلة السياسية، لا يمكن لنتنياهو الفاسد ولا للمافيوي ليبرمان ولا للصهاينة ان يتجاهلوهم، أو يديروا الظهر لمكانتهم ووجودهم تحت قبة البرلمان. وبالتالي تحريض الصهيوني الآيل للسقوط والذاهب إلى السجن، ومعه كل زمرته الفاشية أعداء السلام والتعايش لم يفت في عضد ايمن عودة واحمد الطيبي ومنصور عباس وإمطانوس شحادة ويوسف جبارين وعايدة توما إلى آخر القائمة، ولن يثنيهم عن الدفاع عن حقوقهم، وحقوق شعبهم، وخيارهم المتمسك بدولة المواطنة والمساواة، ورفضهم لقانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" العنصري والفاشي، ونضالهم من اجل السلام وإستقلال وسيادة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدودها المعروفة بالأرض المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ارضهم على اساس القرار الدولي 194. وكلما كانوا أكثر تماسكا وقوة، كلما أرعبوا أولئك القتلة، وفي الوقت نفسه، زادوا من تأثيرهم داخل الشارع الإسرائيلي الصهيوني، ودفعوا قوى ونخبا جديدة لخلع عباءة الصهيونية المتطرفة، ودعم سياسة التعايش والمساواة.
[email protected]