لبنان.. اللعب في الوقت الضائع
تاريخ النشر : 2020-09-02 09:33

الاتفاق، أو شبه الاجماع، على تسمية مصطفى أديب لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية ليس دليلا ان كل شيء سيسير على ما يرام، في هذا البلد شبه المحطم، والذي تتنازعه كل القوى الاقليمية والدولية، بل هو دليل ان جميع الأطراف تلعب في الوقت الضائع من الآن، وحتى الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. حتى الرئيس الفرنسي ماكرون الذي زار لبنان مرتين في أقل من شهر، يدرك انه يملأ فراغا قبل أن تعاود الماكينة السياسية الاميركية، اما مع الرئيس ترامب، المعروفة مواقفه من الملف النووي الايراني، أو مع المرشح الديموقراطي بايدن المتحمس للعودة للاتفاق مع بعض التعديلات.

عبر كل مراحل التاريخ اللبناني المعاصر، لم نشهد تطوراً سياسياً لبنانياً واحداً من دون تدخل خارجي، أو من دون انعكاس الأزمات الاقليمية والدولية مباشرة على هذا التطور. فإلى جانب رغبة كل القوى بوجود دور أو تأثير لها في لبنان، فإن التركيبة الطائفية المعقدة في هذا البلد غالباً ما شكلت مدخلاً واسعاً للتدخلات الخارحية، حيث كل الطوائف تستقوي بأطراف إقليمية ودولية لتعزيز دورها في النظام السياسي.

إن ما نشهده في لبنان اليوم هو استراحة محاربين أكثر من كونه خروجا من أزمة، أو أزمات مستعصية، فكل الأطراف تدرك أن لا طائل من أي تصعيد في في مرحلة يغيب عنها أي امكانية لحلحلة الأزمات الاقليمية الكبرى. وما يمكن أن يضاف لهذا التوافق حول أديب، هو التفاهم الفرنسي الضمني مع حزب الله، ومن خلفه ايران، فباريس تركز أكثر في هذه المرحلة على معركة كسر العظم مع تركيا في شرق المتوسط وفي ليبيا، ومن هنا لا نلاحظ أي اشارة فرنسية مباشرة لسلاح حزب الله، فهذه مسألة يمكن تأجيلها، خصوصاً أنها مؤجلة بحكم الواقع الأوسع المتعلق بإيران وملفها النووي ودورها الاقليمي لما بعد الانتخابات الأميركية.

فسحة التقاط الأنفاس هذه ضرورية أيضا لترميم ما هدمه انفجار مرفأ بيروت، خصوصا أن الشتاء على الأبواب، فلا يصح مع هذا الواقع أي تأجيل. بهذا المعنى فإن الهامش المعطى لرئيس الوزراء الجديد، الذي يعتبر من الصف الثاني، هو هامش محدود ولن يتضمن ملفات كبرى وأعتقد أن الرجل يفهم الدور والمساحة المعطاة له.

ما يمكن أن يستفيد منه ماكرون، هو تجميع بعض الأوراق التي قد تسهم في تعزيز دور فرنسي في الاقليم، سواء في ما يتعلق بأزمات المتوسط، أو في التحضير لدور الوسيط، الذي قد تلعبه باريس في التمهيد لمفاوضات إيرانية اميركية تأتي بعد الانتخابات، والى دور أكبر في حلحلة أزمات المنطقة الأخرى، وخاصة الأزمة السورية.

إنها مرحلة لتجميع الاوراق، اما بهدف تحريك الأزمات ايجابياً، أو لتفجيرها يفرض بعدها الطرف الأكثر ربحاً الحلول التي تلائم مصالحه. الله يعين الشعب اللبناني الشقيق، فالطريق لتحقيق الاستقرار لا يزال طويلاً.