جيفارا.. يزحف نحو جوليا وداليا وحريته
تاريخ النشر : 2021-07-28 16:44

صوت الحرية - إيهاب الريماوي - وفا

حاولت داليا النمورة رفع هاتفها في المحكمة حتى يرى زوجها الأسير جيفارا النمورة صورة الابتسامة الأولى لطفلتهما التي ولدت قبل سبعة أشهر، وهي أصغر بثلاثة أشهر من تاريخ اعتقاله.

هاجمها جنود الاحتلال، وأرغموها على إنزال هاتفها، بالكاد تمكن جيفارا من لَمحِ طفلته جوليا التي اتفق مع زوجته قبل اعتقاله بمدة قصيرة على إطلاق هذا الاسم عليها.

منذ بداية جائحة "كورونا" تحظر سلطات الاحتلال الإسرائيلي إحضار الأسرى إلى قاعة المحكمة حيث يتم عرضهم عليها عن بعد عبر تقنية الفيديو من السجون التي يقبعون فيها، فيما حُرم الأسرى من الزيارات منذ ذلك الوقت، إلى أن تم استئنافها أواخر حزيران / يونيو المنصرم.

استعد جيفارا في الخامس عشر من شهر تموز/ يوليو الحالي للإفراج عنه، وكذلك استعدت داليا والعائلة للاحتفال بهذه المناسبة، ولما اقتربت الساعة من الرابعة عصراً وهو الموعد الأخير الذي يتم فيه الإفراج عن الأسرى ممن تنتهي محكوميتاهم، جاءه ضابط إسرائيلي يحمل ورقة تمديد اعتقاله للمرة الثالثة على التوالي.

تحول حلم الحرية واللقاء الأول مع طفلته التي بدأت مؤخراً في الزحف إلى كابوس، ليقرر على الفور الإضراب المفتوح عن الطعام من معتقله في سجن "ريمون".

نقل إلى عزل سجن عسقلان، وحشر في غرفة أشبه ما تكون "بالمرحاض"، مساحتها صغيرة جداً لا تصلح للعيش الآدمي، ويوجد فيه شرشف برائحة نتنة لا يحتمل لمسه فكيف سيغطي نفسه به ليتقي برد الليل الصحراوي.

"توقعنا ان يفرج عنه في ذلك اليوم، خاصة أن التمديد الأخير خفض من أربعة أشهر إلى ثلاثة، وبالتالي كان الإفراج عنه يومها أمرا  مُسلما به بالنسبة لنا، لكن الاحتلال أراد أن ينغص فرحتنا بأبشع الطرق"، تقول زوجته داليا النمورة.

اعتقل جيفارا اللاعب المحترف بكرة القدم في نادي دورا الرياضي، ولاعب المنتخب الأولمبي الفلسطيني من منزله في بلدة دورا في السادس عشر من شهر تشرين أول/ أكتوبر  من العام الماضي، وحكم عليه بالسجن الإداري لمدة ستة أشهر، ثم مدد الحكم لأربعة أشهر أخرى، تم تخفيضها إلى ثلاثة بعد الاستئناف على الحكم، وصولاً إلى التمديد الأخير الذي أعلن على خلفيته الإضراب عن الطعام.

يلعب جيفارا (27) عاماً في مركز الجناح الأيسر ، ويحترف اللعبة منذ أن كان في السابعة عشرة من عمره، كما أنه ترعرع منذ نعومة أظافره في ناديه الحالي، وتنقل بين عدة أندية كالسموع، وهلال أريحا، والخضر، ويطا.

تمكن محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين من زيارته للمرة الأولى منذ إضرابه يوم أمس الثلاثاء، وقد خسر من وزنه 7 كيلوغرامات منذ شروعه بالإضراب، ويعاني من دوخة وغثيان وقشعريرة مستمرة نتيجة نقص السكر والأملاح المهمة للجسم، وهو بحاجة إلى متابعة طبية بالمستشفى.

تزوجت المحامية داليا من جيفارا في التاسع عشر من شهر تموز/ يوليو 2019، واعتقل زوجها وهي حامل في شهرها السابع، وعندما دنا موعد الوضع أصيبت بفيروس "كورونا"، الأمر الذي تسبب لها بمضاعفات أكثر من المصابين الآخرين.

"كنت بحاجة إليه في تلك الأيام، رغم أن أهلي كانوا من حولي إلا أن وجود الزوج في هذه الظروف مهم جداً من أجل رفع المعنويات، ولكن قدرنا أن نكون هكذا، ولما أنجبت جوليا أتت بوزن أقل من الطبيعي لأني كنت للتو قد تعافيت من مرضي".

بعد ولادة جوليا بثلاثة أيام، عرض تلفزيون فلسطين لقاءً مع عائلة الاسير النمورة، والتي تمكن يومها من رؤية طفلته للمرة الأولى.

"لم تكن ملامحها واضحة بعد، لم يشاهدها وهي تضحك للمرة الأولى، ولم يسندها وهي تحاول أن تجلس لوحدها دون أن تقع. هي أشياء بسيطة لكن يحب الأب أن يعيش تلك اللحظات، فجيفارا افتقدها بشدة"، تقول داليا.

في التاسع عشر من الشهر الجاري، عقدت محكمة "عوفر" العسكرية جلسة لتثبيت اعتقاله الإداري والتي حضرها عن بعد من سجنه في "ريمون"، ولأنه اليوم الذي يصادف فيه ذكرى زواجهما الثانية فأول ما قاله لزوجته عندما فتح الفيديو، والتي أطلقت مؤخراً حملة ونداء للإفراج عنه: "كل عام وانت بخير عشان عيدنا".

تتمنى داليا الافراج السريع عن زوجها جيفارا حتى لا يتفاقم وضعه الصحي، وبالتالي يؤثر على مسيرته الرياضية التي رأس مالها لياقته البدنية.

ويواصل ستة عشرة أسيراً الإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري، فيما أن الأسير محمد نوارة المحكوم بالسجن المؤبد مضرب عن الطعام لليوم الرابع على التوالي احتجاجاً على عزله في زنازين سجن "عسقلان"، ونقل اليوم إلى زنازين سجن "بئر السبع".

يذكر أن عدد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال يصل إلى نحو 540 أسيراً بينهم أسيرتان  و4 قاصرين، ومنهم ما قضى ما مجموعة 15 عاماً في الاعتقال الإداري.