بحث

أخبار اليوم

التعليم.. التعليم.. التعليم!

  • 14:20
  • 2014-05-20

لم يكن هذا عنواناً لمقالي اليوم إطلاقاً ولم يكن إصلاح التعليم برمته مطروحاً في مخيلتي لأعاود الكتابة عنه هذا الأسبوع، لكنني أجد نفسي مضطراً من جديد أن أعود إلى هذا المحور خاصة مع ما نشرته منظمة العمل الدولية قبل أيام بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء من أرقامٍ تخص قطاع التعليم. أرقامٌ أقل ما أستطيع أن أقوله عنها انها مرعبة ومفجعة وغير مسبوقة.
أرقامٌ يندى لها الجبين وتهتز معها الأبدان. إذ تزيد نسبة الشباب والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً عن ثلث عدد السكان، يتسرب من المدارس منهم ما يصل إلى 55.2%، بينما يتسرب من المدارس في سن مبكر ما يصل إلى 33.1% من الذكور و23.5% من الإناث. أما البطالة بين الإناث الخريجات فتصل إلى رقمٍ خياليٍ مخزٍ ألا وهو 90%!
وبينما يزدهر الاهتمام بالعلوم في اقتصادات مختلفة يسجل خريجو العلوم في السوق الفلسطيني أعلى معدل للبطالة تصل إلى 70.4%. أما تخصص الصحافة والإعلام فيسجل أصحابه من النساء معدل بطالة فلكياً يصل إلى 88.9%.
ويفتقر نظامنا التعليمي المدرسي إلى تدريس مفاهيم الريادة والإبداع إضافة إلى ضعف الاهتمام بالتوجيه المهني الذي يناسب اهتمامات الطالب ويخدم احتياجات السوق، الأمر الذي يدفع الخريج للانتظار مدة تزيد عن عامين ونصف العام قبل الدخول إلى سوق العمل. ويتفاقم الوضع بالنسبة لبعض الشباب الذين ينتظرون فرص عملٍ أخرى لتصل مدة بطالتهم إلى 55.6 شهر أي ما يزيد عن أربع سنوات ونصف السنة.
أما المعلمون الجامعيون فقد سجل البعض منهم غياباً واضحاً لرغبة العديد من الطلاب الجامعيين في بذل مجهودٍ كبير في مسيرة تحصيلهم العلمي وتمنّعهم عن القراءة وتوسيع مداركهم. كما تسجل اللغة العربية حالاً مزرياً وسط هؤلاء الطلبة من كثرة الأخطاء الكتابية واللغوية. 
وتكون الطريق الأكاديمية بالنسبة للكثيرين من الطلبة مستندة إلى مبدأ الحصول على الشهادة الجامعية دون عناء يذكر وبأقصر الطرق. نهج يسمح في بعض الأحيان وحسب شخصية المحاضر إلى تفاوض الطلبة مع هذا المدرس أو ذاك حول فحوى الامتحان ومدى الصعوبة فيه.
الحياة إذاً شهادات بالنسبة للبعض ليس إلا، شهادات تعتمد في معظمها على الحفظ والتلقين لا التفاعل والتحليل.
الحياة أيضاً امتحانات... امتحانات للقدرات الآدمية على الحفظ لا على تكوين المعرفة التي راكمها الطالب وما تحصل عليه من الاستفادة الواضحة من هذه المعرفة في حياته المهنية.
هذا الحال دوامه من المحال وسكوتنا عليه هو شراكة في التجاهل المتّعمد لحال النظام التعليمي التلقيني والتقليدي في فلسطين.
نحن بحاجة إذاً إلى ثورة في التعليم وورشة مفتوحة تستمر لعامين تقريباً يجري فيها مراجعة شاملة للمسيرة التعليمية واقتراح الحلول الفعلية والعملية والشروع فوراً بتنفيذها دونما إبطاء.
علينا أن نمتلك الشجاعة لنواجه واقعنا التعليمي الأليم دون توجيه الذنب نحو احد خاصة وأن بعض العوامل المتسببة في تراجع مسيرة التعليم وما أوردته سابقاً من أرقام لم تكن لأسباب فلسطينية محضة.
لذا فإن النجاح لن يتم بتقزيم الآخرين وجهدهم التراكمي بل بالعمل معهم لإقناعهم بضرورة التغير وجعلهم جزءًا أصيلاً من هذا الجهد ليشعر الجميع بتكاملية الأداء الحريص على الشراكة. 
لهذا فإن كلامي هنا لا ينتقص من التقدير للأسرة الأكاديمية من معلمين ومشرفين ومدربين وإداريين وهم الذين صمدوا وتقدموا في وجه التحديات الجسام التي عشناها على مدار سنواتٍ طوال. كما أنه لا يستهدف فرداً أو جماعة كبرت أم صغرت بل هو يستهدف بكل تجرد النظام ذاته من حيث المناهج والتطوير الدائم لقدرات المعلمين وضمان توفر الوسائل التعليمية والتقنية اللازمة وإشراك الأهل في عملية التطوير وتعزيز التعليم المهني والتقني والوصول الأسهل للإنترنت بقدرات عالية وتحفيز التفكير التحليلي وتوجيه الاختصاصات نحو ما يتواءم واحتياجات السوق وإعادة النظر في الامتحانات وخاصة التوجيهي ودراسة مفهوم الواجبات المدرسية.
الحقيقة ليست عيباً بل إن العيب الحقيقي هو الاستمرار في المكابرة وصولاً إلى تركة ثقيلة قد تقع على عاتقنا ذات يوم فيدفع المجتمع ثمنها دون رحمة.. عندها سيصبح التحرير سراباً والإنقاذ المتأخر عبثاً.. فهل وصلت الرسالة؟
[email protected]

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين