بحث

أخبار اليوم

نبض الحياة -

التداعيات غير المرئية

  • 16:18
  • 2015-09-13

يبدو ان القراءة الاميركية الاسرائيلية والغربية عموما فيها الكثير من فقر الحال العلمي، وغياب القراءة الواقعية لتداعيات مخططهم التمزيقي لدول العالم العربي إلى دول دينية وطائفية ومذهبية واثنية، وخلق أعداء من رحم شعوبهم، تم استنساخهم من جماعة الاخوان المسلمين باسماء شتى "داعش" و"النصرة" و"تنظيم القاعدة" و"انصار بيت المقدس" و"جيش الامة"... إلخ لتعميق عملية الانقسام عبر إثارة الفتن و"الفوضى المنظمة"، التي دعت لها الولايات المتحدة منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، الامر الذي ساهم في تدافع المهاجرين العرب إلى دول الغرب الاوروبي. 
صحيح ان بعضهم غرق في اعالي البحار. لكن عشرات ومئات الالاف نجحت في الوصول إلى بلدان اللجوء الجديدة هربا من ويلات الموت والحروب الدينية، ونتيجة فقدان الامان ولقمة العيش الكريمة. مؤكد ان مخطط التمزيق الاسرائيلي في الاساسي بكل تحالفاته الدولية والاقليمية في تمزيق العديد من الدول العربية، وبددوا طاقات وامكانيات الشعوب، وثرواتهم الوطنية والقومية، وتمكن من تعميم الفوضى، وكرس فلتان السلاح باسماء اسلامية، لا تمت للدين الاسلامي بصلة، وهيأ المناخ نسبيا لاقامة مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي يفترض ان تتسيد فيه إسرائيل لحين على الاقليم الكبير بالتعاون مع القطبين التركي والايراني. وبالتالي ستتمكن الحكومات الاسرائيلية من تحقيق المخطط الصهيوني الاستراتيجي على حساب اقامة الدولة الفلسطينية دون خشية من ردود فعل عربية كما كان يحصل في العقود السبعة الماضية. مع ان كل ردود الفعل والحروب العربية، التي اعلن عنها، كانت حروب خاسرة، لكنها، كانت تشكل أداة تحشيد للشعوب العربية تحت راية القومية، وخلقت مناخات لولادة ادوات فعل عربية رافضة لعملية الاستسلام والهزيمة، وبقيت الفكرة القومية العربية على ما اصابها من قصور فاضح بسبب السياسات الخاطئة للاحزاب والقيادات العربية عنوانا للتحشيد. 
كما ان نجاح مخطط الفوضى الخلاقة، انتج واقعا جديدا في بلدان اوروبا، حيث باتت احياء ومناطق ومدن في مختلف الدول الرأسمالية تنطق بلغة الضاد، وباتت اللغة العربية وابناء الجاليات العربية من المغرب العربي الكبير ودول الشرق العربي، يلعبون دورا مهما في الشارع الاوروبي. والكثير منهم بات يحتل مواقع مهمة في البرلمانات والجامعات ومجالس البلديات والحكومات والمنتديات الثقافية والاعلامية. وهؤلاء مع الاعداد الجديدة الوافدة لاوروبا، سيتضاعف وجودهم، وسيكون لهم تأثير كبير على صانع القرار في الدول، التي يقيمون فيها. 
وبغض النظر عن تابعيتهم الدينية والطائفية والمذهبية وجنسياتهم الوطنية، ستسهم الدول المضيفة بما لديها من قيم ثقافية وسياسية واجتماعية في ترشيد وعيهم، واعادة الاعتبار لمسألة الدولة الوطنية ولفكرة القومية العربية، وتعميق المعارف لديهم، وانتشالهم من عملية التجهيل، التي شاءت دول المشروع التآمري تكريسه في اوساطهم. كما انهم سيلعبون دورا مهما في رسم السياسات القومية للدول الغربية، الذي سينعكس مباشرة على دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، التي باتت منذ زمن تعاني العزلة بفضل ازدياد الوعي في اوساط الاوروبيين والاميركيين بما في ذلك الطوائف اليهودية المنصهرة بين ظهرانية شعوبها.
وحتى الشرائح والفئات، التي ستبقى خاضعة لمنطق الجماعات التكفيرية "داعش" و"النصرة" وغيرها، التي فتحت لها الدول الاوروبية المجال لتنشط لتحقيق غاياتها التخريبية، سترتد على تلك الدول، وتشكل خطرا داهما على مستقبلها السياسي والاقتصادي والامني والثقافي. وبالتالي التخطيط القائم على الرؤية القاصرة، احادية الجانب، والمسكونة بتحقيق اهداف اسرائيل ومصالحها الحيوية، على حساب مصالح العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، وتغييب التداعيات المستقبلية لاطلاق العنان لتلك الجماعات، سيكون له عواقب وخيمة على إسرائيل واميركا والغرب الاوروبي وكل من تساوق معهم. والمستقبل غير البعيد، هو الكفيل بالرد على جرائم "الفوضى البناءة" وتعويم جماعة الاخوان المسلمين ومشتقاتها في دنيا العرب، وتصفية خيار السلام والتعايش بين الشعوب والامم. 
[email protected]

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين