بحث

أخبار اليوم

لماذا استهداف محمود عباس ؟!

  • 17:31
  • 2016-10-08
غير مستغرب أن يشن «الإخوانيون»، ومن يُخيط بمسلتهم، حملة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لأنه شارك في جنازة شمعون بيريز الذي كان وبقي حتى وفاته، بعد عمر زاد على التسعين عاماً، «صهيونياً» متشدداً أفنى هذا العمر المديد في إنشاء هذه الدولة الإسرائيلية التي أقيمت في لحظة تاريخية مريضة بالنسبة للعرب وفي خوض كل معاركها وفي إنشاء مفاعلها النووي «ديمونا» الذي غير معروف كم قنبلة ذرية قد أنتج منذ إنشائه وحتى الآن مع أن هناك من يقول أنها وصلت إلى «200» رأس نووي!!.

إن المؤكد أن هذا كله وأكثر منه كثيراً يعرفه «أبو مازن» وهو يعرف أن شمعون بيريز، لو حصلت معجزة ونهض من قبره، لواصل العمل من أجل إسرائيل وتمتين بنيانها وتعزيز كل ما يمكِّنها من الإستمرار في عدوانها لكن تداخلات هذا الصراع المحتدم حتى بعد بدء عملية السلام وتوقيع إتفاقيات أوسلو المتعثرة في بدايات تسعينات القرن الماضي تتطلب ليس منه وحده فقط بل وكل من هو في وضعه وموقعه أنْ يستغل هذه الفرصة ليظهر للعالم ولكل رؤساء الدول والمسؤولين الذين شاركوا في هذه الجنازة أن الشعب الفلسطيني يريد سلاماً مع إسرائيل وأنه يقدر لهذا الرئيس الإسرائيلي الراحل أنه كان، وإنْ بحدود معينة وإنْ على أساس المصلحة الإسرائيلية، مع هذه العملية السلمية المتعثرة التي يقف في وجهها بنيامين نتنياهو وتحالفه الحاكم وكل الأحزاب السياسية المنضوية في هذا التحالف.

لقد بقيت اللقاءات مستمرة ومتواصلة وعلى كل المستويات بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ توقيع إتفاقيات أوسلو عام 1994 وحتى الآن ولذلك فإن مقتضيات معركة عملية السلام تتطلب أن يظهر (أبو مازن) في جنازة شمعون بيريز وأن يقول لكل من شارك فيها من رؤساء العالم وكبار المسؤولين فيه وللشعب الإسرائيلي قبل الجميع إنَّ بنيامين نتيناهو وحزبه وتحالفه السياسي هو الذي يغلق أبواب السلام في هذه المنطقة وهو الذي يدفع الفلسطينيين إلى اليأس وإلى القيام بهجمات السكاكين وبالعمليات الإنتحارية التي يقومون بها وحقيقة إن هذا يضع في أيدي أصدقاء القضية الفلسطينية في العالم وفي مقدمتهم الفرنسيون حججاً كثيرة ويجعلهم أكثر جرأة في تحميل هذه الحكومة الإسرائيلية مسؤولية قفل أبواب السلام في الشرق الأوسط.

إن الصراع مع إسرائيل ليس «طوشة بيادر»، كما يقال، إنه صراع معقد ومتداخل ومساحته العالم كله ولذلك فإن التعاطي معه من قبل صاحب الحق، الذي هو الشعب الفلسطيني المكافح، يجب أن يكون من خلال كل المداخل ويجب أنْ يتم بأعلى مستويات إستغلال كل فرصة سانحة، ولهذا فإن ظهور (أبو مازن) في جنازة شمعون بيريز يجب ألاّ يُنْظر إليه بعقلية «مشاجرات الحارات والبيادر» وإنما بعقلية الذين شاركوا في هذه الجنازة والذين شاهدوها على شاشات الفضائيات الكونية .

وهنا فلعل ما لا يعرفه من إعترضوا من قبيل «النكايات» التنظيمية على مشاركة (أبو مازن) في جنازة شمعون بيريز أن صلاح الدين الأيوبي العظيم كان قد أرسل طبيبه الخاص لمعالجة ريتشارد (قلب الأسد) من مرض الجذام الذي أصابه في ذروة معارك الحروب الصليبية وربما أنه يومها قد تعرض للكثير من مزايدات المزايدين وإنتقاداتهم لكن المهم ان ذلك الذي فعله لا يزال وعلى مدى حقب التاريخ مضرب مثل على شجاعة العرب والمسلمين وعلى رفعة أخلاقهم وعلى نبل سجاياهم وحقيقة ما يتحلون به من إنسانية حتى تجاه أعدائهم وفي ذروة أشد المعارك مع الغزاة الصلبيين «الفرنجة» !!.

وهكذا فإن هذا الذي إستغله «المزايدون» في إطار «المماحكات» والمناكفات الفصائلية الفلسطينية المعروفة والمعهودة قد أظهر الرئيس الفلسطيني أمام العالم كله بمظهر الواثق من نفسه ومن عدالة قضية شعبه وأظهر بنيامين نتنياهو بأنه شخص أحمق ومتعصب وأرعن وغير قادر على إستشراف حركة التاريخ الحالية والمستقبلية مما يؤكد على أن طبيعة الصراع الذي يخوضه الفلسطينيون يقتضي حضوراً كهذا الحضور حتى في جنازة رجل أفنى عمره في إقامة دولة إسرائيل التي أقيمت في فلسطين وفقاً لمؤامرة دولية عنوانها إتفاقيات سايكس – بيكو، سيئة الصيت والسمعة، المعروفة !!.
 
 
 

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين