بحث

أخبار اليوم

المجلس الوطني ... الخيار الأخير ؟

  • 14:22
  • 2017-04-17

       حصل انشقاق كبير في المجلس الوطني الفلسطينيّ بعد اتفاقية أوسلو وقد تمّ استبعاد العديد من المناضلين وأعضاء المجلس وذلك لرفضهم العودة إلى فلسطين تحت غطاء معاهدة أوسلو ، وقد كرس هذا الانقسام عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطينيّ برئاسة سليم الزعنون في الضفة الغربية .

سيطرت بعدها السّلطة الوطنيّة  على القرار الوطنيّ الفلسطينيّ ومن ثم السيطرة على باقي الأطر بحكم اتفاقية أوسلو، وبقينا على مجلس وطنيّ أصبح شبه وهميّ بتعطيل كافة أدواره الفاعلة تجاه الجماهير الفلسطينيّة...

واليوم تكرر أوساط سياسيّة عديدة دعوتها لانعقاد المجلس الوطنيّ          الفلسطينيّ وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس وأتساءل هنا ، لماذا هذا التوقيت بالذات هل نحنُ أمام الخيار الأخير ؟ وهناك ما يخفيه السّاسة عنّا ؟

لماذا لا.. ونحن بأمسّ الحاجة للتوحد وأن تكون القضية سلة يحملها الجميع وسوياً لخوض المجهول القادم  وذلك لنجمعَ بها ما تبقى من عزةٍ وروح وطنيّة لطالما بحثنا عنهّا واستجديناها من العرب الذين يكفيهم ما بهم ، والمجتمع الدوليّ الذي يقدم مصالحه ويتطلع لحماية نفسه وشعبه من الإرهاب الإسلاميّ والإسلامفوبيا ، فمصالحه بالعالم العربي ضُمنت ، فما هي المصالح المتبقية ليعطونا مقابلها أوطاننا ويعيدوا لنا أراضينا المسلوبة ؟ فلا نملك كعرب أيّاً من الأسس التي ترفع من شأننا ، أجل لا نملك قوة اقتصاديّة أو قوة عسكريّة أو حتّى تكنولوجيا ننافس بها  . كيف لا ونحن  المتسولون أمام أعتابهم .

يمكن أن تكون القيادة الفلسطينية سبقت كلّ العرب إدراكاً للواقع مقتنعة بأن تسيرَ بنفسها لنزع حقها استناداً للمثل العربي ( ما حكّ جلدك مثل ظفرك  ) لذلك بعد فشلِ  كلّ المحاولات التي خاضتها القيادة على المستوى العربيّ والدوليّ لحشد الدعم وانتزاع الحقوق  ، فربما من خلال المجلس الوطنيّ نعيد لحمتنا ونضع الخلافات جانباً وننظر للوطن على أنّه  المسؤولية الوحيدة المجتمعة أمام أعين الجميع  ،وربما سنفرض هيبتنا أمام  المجتمع الدوليّ بوحدتنا والتفافنا حول شرعية واحدة واتخاذنا من ثوابتنا نقطة انطلاقة للمطالبة بحقوقنا لتصبح نظرة المجتمع الدّوليّ تجاهنا  نظرةً مختلفة .

حين قام الحاج أمين الحسينيّ بعقد أول مجلس وطنيّ فلسطينيّ في قطاع غزه في العام 1948 كانت الأوضاع أكثر تعقيداً، ومن خلال المجلس فرضت نوعية أخرى للقضيّة الفلسطينية ، فشكلت حكومة عموم فلسطين لأول مرة ، ونحن الآن أمام  نفس التحدى والشّكل الوحيد المختلف هو  التّشرذم الحاصل بين القوى السياسيّة الفلسطينية في ظل الانقسام البغيض وضياع جميع المكتسبات عبر تاريخ القضيه الطّويل .

المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ هو نظرياً أعلى سلطة تمثيليّة وتشريعيّة للشّعب الفلسطينيّ  والمرجعيّة العليا  لمنظمة التّحرير الفلسطينية  وهيئاتها القياديّة وبرنامجها السياسيّ ، هذا على المستوى النظريّ ، أمّا من ناحية عمليّة  فالأمر يحتمل العديد من التساؤلات االكثيرة والمشروعة  حول شيخوخة  وهزال هذه البنية  وحول مدى شمولية تمثيل المجلس  الوطنيّ  بصيغته الحالية  للشّعب الفلسطينيّ ، وكذلك تركيبته وكونه مرجعية الهيئات السياسيّة الفلسطينية ، بالإضافة إلى الكثير من الأمور المتعلقة بسباته العميق  وتهميش دوره وتحوله إلى أداة  لخدمة سياسات السّلطة الفلسطينية وإلى دائرة  تعتمد على تمويل  هذه السّلطة .

تحديات كثيرة ستواجه انعقاد المؤتمر ، في ظلّ حالة االركود السياسيّ والجمود الحاصل أمام أي تحرك وطنيّ ،حيث قوبلت فكرة انعقاد المؤتمر بمدينه رام الله بتحفظ  . ليس غريباً على فصائلنا وأخص الإسلاميّة منّها الوقوف أمام كلّ خطوة وطنية تقدم عليها القيادة والرئيس عباس وكأنما تخشى شيئاً تخفيه ، جهود المصالحه وتحركاتها فشلت بعدما جابت كثيراً من مناطق العالم العربي ( نشرنا غسيلنا الوسخ بما يكفي ) ولكن إذا ما تمّ الأمر على غرار الانتخابات البلدية وعقد المؤتمر بدون مصالحة وبدون مشاركة حماس فسنبقى في نفس الدائرة ،  بل على العكس سيتعمق الشّرخ وهذا سيدفع حماس إلى اتخاذ المزيد من الخطوات التي تعمل على تعقيد الأمور أكثر فأكثر ، وسينعكس ذلك على أيّ اتفاق قادم مع إسرائيل فإذا حصلنا على دولة هل بعد ذلك ستشنّ رام الله حرباً لاستعادة غزة ؟

أمّا بالنسبة لفصائل منظمة التّحرير والتي لا تتعدى معارضتها المطالبة بانعقاد المؤتمر في الخارج ، فهذا لا يعتبر خلافاً فيمكن القفز عنّه ، ولكن الخوف بهذه المرحلة يكمن في عدم القدرة على تهيئة الأرضيّة لعقد المؤتمر ، من خلال بعض القوى التي تحمل توجهات لا تراعي فيها القضايا المفصلية ،وأجندتها متعارضة مع ذلك الهدف .

أمّا الشّارع الفلسطينيّ الغائب المغيب عن كلّ ما يجري بأروقه معابد السياسة ، فلديه ما يكفيه من هموم فوعيه السياسيّ غير مكتمل حتّى  إزاء التخوفات التي يجب أنْ يظهرها أيّ شعب في العالم  ، أمّا التقلبات السياسيّة ليست بخاطر الشّعب الفلسطينيّ (شال المرارة ) فأصبح صاحب تجربة مع التفاؤل ، وأخيراً النخبّ الفلسطينية التي تعلم جيداً بأنّ حضور الجمهور وفعالية الضغط الشّعبيّ لا تجلب أيّ نتائج من خلال تطبيقها في واقعنا .

ويبقى السؤال هل المجلس الوطنيّ الخيار الأخير ؟ أم ما نشهده من تغيرات في الحكومة التي يعتبرها الكثيرون الأكثر يمينية وتشدداً بعد إجرائها غير المتوقع في تقييد البناء في المستوطنات بصيص أمل آخر ؟ وهل زيارة الرئيس عباس إلى واشنطن فيها بقعه ضوء أخيرة تسمح خلالها بتحقيق إنجاز يقنعه ويجرّ الطرفين للتّوصل إلى الصّفقة الكبرى التي تطوي صفحة هذا الصّراع ، لننتظر الأيام ونتذكر دائماً نحن أصحاب الحقّ وكلّ من يثق بالقيادة فليتلحف بها ومن غير ذلك فليبقَ عاريا بصمت فلن يميته البرد  .

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين