بحث

أخبار اليوم

عاصفة تخفيضات على الأسعار في غزة

  • 12:17
  • 2018-02-22

صوت الحرية - الحياة الجديدة - سهاد الربايعة -

 عاصفة العروض والتخفيضات على الأسعار بدأت تجتاح المحال التجارية بقطاع غزة بعد أن ضربت أزمة اقتصادية خانقة التجار وأصحاب المحال، وأطاحت بجميع الأسعار، في محاولة منهم الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وتحريك الوضع الاقتصادي الراكد منذ سنوات، الذي ازداد سوءا في الأشهر الأخيرة.

الوضع فرض التنزيلات

ياسر أبو دلال صاحب سوبر ماركت في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يقول إن السبب الذي دفعه للإعلان عن تخفيضات على أغلب السلع في محله هو الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع منذ سنوات.

وأضاف: "تأتي التنزيلات على الأسعار من أجل مساعدة المواطن على شراء احتياجاته وتنشيطاً للحركة الاقتصادية في السوق المحلي"، مبينا أن أغلب المحال التجارية في غزة تعلن عن تخفيضات على مختلف السلع والبضائع، وذلك في سبيل بيع ما لديهم من بضائع، خوفا من كسادها في المستودعات،  الأمر الذي يجعل الخسائر المالية للتجار كبيرة جدًا، ولا تعوض في هذا الوقت.

وتابع: في السابق كنا نعلن عن عروض وكان الإقبال كبيراً من جموع المواطنين، أما الآن بات الوضع مختلفاً جدا، فلا تشهد العروض حضورا للمواطنين بسبب عدم قدرتهم على الشراء".

واستطرد أبو دلال: "يكتفي المواطن اليوم بشراء السلع الأساسية فقط، كالأسماك التي بات سعرها لا يتجاوز 6 أو 7 شواقل والمعلبات التي أضحى سعرها رمزيا لا يتعدى 2 شيقل، والزيوت واللحوم المجمدة، ويغض النظر عن غيرها لعدم وجود سيولة نقدية لديه، وحرصه على توفير بعض الأموال، خوفا من أن يسوء الوضع أكثر من ذلك، مشيرًا إلى أن الأسعار باتت في الحضيض، أغلبها لا يتعدى البيع بسعر التكلفة فقط.

وبين أن اغلب التجار الآن توقفوا عن طلب البضائع لعدم امتلاكهم الأموال لشرائها، وبات معبر كرم أبو سالم لا يدخل سوى 200 – 300 شاحنة فقط، خلاف ما كان يدخل سابقا مما يقارب 800 شاحنة وأكثر، ناهيك أن  الكثير من التجار لديهم شيكات مرتجعة وآخرون قد سجنوا نتيجة الظروف الصعبة التي لم تمر على قطاع غزة من قبل.

وأوضح أن الضرائب المنهكة للتجار وأصحاب المحال قد زادت الوضع سوءًا، داعياً إلى المساهمة في تخفيف الضرائب الباهظة، والنظر للتجار وأصحاب المحال بعين الرحمة في سبيل التعاون للخروج من الأزمة وتنشيط الوضع الاقتصادي الميت.

الإقبال ضعيف جدا

من جانبه، بين حسن العويني صاحب محل تجاري أن التنزيلات والعروض على البضائع لن تستمر طويلا، بسبب عدم وجود سيولة نقدية لدى المواطن أو صاحب المحل لجلب بضائع أخرى في ظل وضع اقتصادي مجهول المعالم، مردفا أن الإقبال على الشراء بشكل عام بوجود تنزيلات أو دونها ضعيف جدا، والمواطن بات مستنزفا .

وأضاف أن أصحاب المحال لا يحققون ربحا من التنزيلات؛ وإنما هي محاولة إنقاذ ما لديهم من بضائع وبيعها قبل فسادها أو كسادها.

وتابع العويني: "مستقبلا لن يكون هناك عروض على الأسعار أو تنزيلات، بل سيسعى أصحاب المحال إلى رفع الأسعار بعد قرار الضريبة المضافة وضريبة الدخل التي تنهكهم، فسيكون الحل أمامهم رفع الأسعار لتعويض تلك الضرائب التي تكون على حساب المستهلك".

محمد الحاج صاحب سوبر ماركت كبير بغزة يضع لافتة ضخمة أعلى محله التجاري التي تتكدس أمامه على رفوف خشبية كمية كبيرة من البضائع المختلفة من معلبات، وزيوت، وأرز ومنظفات وخلافها من المنتجات تشمل أسعارا مخفضة في سبيل جذب المواطنين لشرائها، يقول لـ"الحياة الجديدة": "أشرع أنا وأطفالي الصغار بترتيب المنتجات على الرفوف من أجل استقدام المواطنين، لكن الإقبال ضعيف جدا ولا يكاد يذكر"، موضحا أن هناك سلعا قد تنتهي صلاحيتها قريبا وتفسد إذا لم تبع.

وأشار إلى أن الأسعار رمزية لا تتعدى سعر التكلفة، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي الصعب أجبره على التخلي عن بعض موظفيه.

وأوضح الحاج أنه خسر في هذه الأزمة  الكثير من المال في سبيل بقاء محله مفتوحا، على الرغم من أنه لا يدر عليه أرباحا.

ونوه إلى أن ضعف القوة الشرائية للمواطنين سببها عوامل كثيرة منها: عدم وجود فرص عمل، وتراجع المساعدات الخارجية.

وتابع أن أغلب المحال باتت لا تتعامل بمبدأ الاستدانة، نظرا لتراكم الديون على المواطنين وعلى التجار أيضا، فالكل يسعى لتسديد ما عليه فقط.

وأردف الحاج انه إذا استمر الوضع على هذا الحال؛ فإن الكثير من أصحاب المحال سيغلقون باب رزقهم لعدم قدرتهم على تحمل نفقات الأجار أو مصاريف العمال، وسيف الضرائب الذي يقطع أوتارهم سنويا.

التخفيضات لا تجدي نفعا

الشابة ولاء أبو هلال ترى أن العروض والتنزيلات خطوة جيدة، ومحاولة من التجار للتغلب على الوضع الاقتصادي السيئ، وتشجيع المواطنين على الشراء  في ظل ضعف القدرة الشرائية لهم، مبينة أن المواطنين اليوم باتوا يصرفون النظر عن أي كماليات عند الشراء، ويكتفون بشراء السلع الضرورية فقط.

وأشارت إلى أن الحركة في الأسواق ضعيفة والإقبال شحيح من المواطنين، فلم تعد الأسواق تزدحم بالمتبضعين كما السابق، بسبب سوء الوضع المالي لأغلبهم، الأمر الذي دفع بعضهم للعزوف عن الشراء أو الخروج للأسواق.

وتابعت أن غياب السيولة النقدية والحركة المالية ستدفع أغلب المحال للإغلاق، وعدم الاستمرار في الإعلان عن عروض أو تخفيضات، لأنها لا تحقق الربح لهم في الوضع الراهن للقطاع.

أما المواطن أبو مخلص فبين أن العروض والتنزيلات جاءت نتيجة طبيعية للوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به القطاع، وتقدير أصحاب المحال لحال المواطن الفلسطيني الذي بات لا يقدر على شراء احتياجاته.

 ونوه إلى أن الأسعار المخفضة على البضائع لم تحرك السوق، وذلك لأن الفقر مدقع في القطاع، ولم يعد هناك رواتب أو نقود متحركة لتنشيط الاقتصاد، موضحا أن التنزيلات لن تجدي نفعا في المستقبل.

عوامل عدة دفعت للعروض

وأوضح الخبير الاقتصادي الحسن بكر أن إقدام أصحاب المحال  للإعلان عن التخفيضات والتنزيلات على الأسعار جاء بسبب عدة عوامل منها تراجع القطاع المصرفي وإضعافه، وضعف حجم الإنفاق التجاري ووجود شيكات مرتجعة للتجار أو مؤجلة الدفع، إضافة إلى أن معدل دخل الفرد في قطاع غزة يبلغ35 شيقلا مقارنة بـ90 شيقلا بالضفة.

وتابع أن معدلات الأجور في قطاع غزة منخفضة وتعليق الكوبونات والمعونات الخارجية التي يعتمد عليها المواطنون أدت إلى سوء الوضع الاقتصادي.

وتابع أن تقلص حجم السيولة المالية وتراجع قدرة الشركات في توريد البضائع، وانتشار البطالة التي زادت عن 65% بين الشباب دفع التجار إلى التغلب على هذه الظروف من خلال عمل تخفيضات على الأسعار من أجل استقطاب المواطنين، مشيرا إلى أنها لن تحقق لهم الربح، لأنهم يبيعون بأسعار زهيدة في سبيل الحفاظ على استمرارية العمل، معربا إلى انه إذا استمرت هذه الحالة ستغلق الشركات والمؤسسات أبوابها لعدم قدرتها على المجازفة في ظل وضع اقتصادي متدهور للغاية، خاصة بعد موجة الخصومات على رواتب الموظفين وتقليص المعونات الدولية، وذلك مؤشر ينذر بكارثة إنسانية في القطاع.

وقال بكر: "إن كساد البضائع في الأسواق وخفض الطلب على استيراد البضائع من الخارج  سبب قوي لخفض الأسعار وإعلان تنزيلات على البضائع".

وأشار إلى أن عدد الشاحنات المدخلة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري انخفض بنسبة 30% عن عام 2016 وذلك لعدم قدرة التجار على استيراد بضائع جديدة موضحا أن آخر إحصائية للمعابر بينت دخول شاحنات القطاع الخاص 111843 شاحنة مقابل 106619 شاحنة في العام 2016

أما شاحنات المساعدات الإنسانية 5290 شاحنة في 2017 مقابل 12281 شاحنة في 2016 أي أن هناك انخفاضا ملحوظا.

وقال إن تراكم الديون على التجار ووجود شيكات مرتجعة لدى أغلبهم، إضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في الفترة الأخيرة، دفع اغلبهم إلى الشروع بعمل عروض وتخفيضات للتغلب على هذه الحالة والخروج بأقل الخسائر المادية.

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين