بحث

أخبار اليوم

قراءة في مدرسة الرئيس عباس السياسية

  • 16:38
  • 2014-02-23

الرئيس محمود عباس له فكره السياسي الخاص به ، وله نمط في التعاطي مع الأحداث بشكل مميز ومعروف بصراحته المباشرة وأسلوبه الخاص في شرح ما يؤمن به ، ولكن كل من تعامل مع الرئيس محمود عباس عن قرب يفهم طريقة تفكيره والمدرسة السياسية التي ينتمي لها ، ولعل الكثيرين يشعرون بصعوبة فهمه وذلك لعدم إحاطتهم بالإطار العام الذي يؤمن به الرئيس ، وبعض ما سأكتبه في هذا المقال سمعته منه مباشرة والبعض الآخر هو اجتهاد شخصي وتقدير لفهم ما يؤمن به الرئيس محمود عباس ، وسأكون مركزا وبعيدا عن الشرح الذي قد يضر .
يؤمن الرئيس محمود عباس أن صراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي يدخل في مربعين ولكل مربع سياسته وأدواته الخاصة به ولا يجوز خلط أدوات المربعين بعضهما ببعض ولعل الخلط الذي استخدمه البعض لم يؤدي الى النتيجة المطلوبة .
المربع الأول هو المربع العسكري وفي هذا المربع النصر والتفوق لمن يملك أدوات القتال والقوة أكثر من الآخر ، وفي هذا المربع تمتلك إسرائيل كل أسباب القوة وهي تعمل جاهدة منذ احتلالها لأرضنا أن نبقى معها في هذا المربع الذي يخدمها ويعطيها الحق في استمرار الاحتلال وتحقيق كل الأهداف التي تريدها ، إضافة أنها تستند وتحظى بدعم الطرف المنتصر من المجتمع الدولي ( الولايات المتحدة وغالبية الاتحاد الأوروبي وتفهم دولي ) ، بينما الطرف الفلسطيني هو الأضعف بالقياس المادي ولا يمتلك مقومات تحقيق النصر أو النجاح في هذا المربع بل سيستمر سفك دماء الشعب الفلسطيني إضافة الى ذلك فهو يستند الى الطرف المهزوم عسكريا والأضعف لدى المجتمع الدولي ( الدول العربية والإسلامية وغيرها ) ، ومن هذا المنطلق فإن مصلحة الكيان الإسرائيلي استمرار الصراع داخل هذا المربع وعدم الابتعاد عنه كثيرا سوى لفترات محدودة لهدف يخص سياسة الكيان في إدارة صراعه مع الشعب الفلسطيني داخل هذا المربع .
ومن هنا المنطلق يمكن فهم تكرار رفض الرئيس لفكرة عسكرة أي تحرك ضد الاحتلال وتأكيده المتكرر لن يكون البديل عن فشل المفاوضات العودة للعمل العسكري وموقفه من العمليات العسكرية ، وإصراره على المقاومة الشعبية السلمية بكافة أشكالها الرافضة للاحتلال .
المربع الثاني هو المربع السياسي وفي هذا المربع القوة لمن يملك أوراق ضغط لاستخدامها في مواجهة الطرف الآخر وإحراجه أمام ذاته وحلفائه ، وفي هذا المربع القوة للطرف الفلسطيني حيث يمتلك أوراق ضغط كبيرة وفاعلة وقوية منها قرارات الشرعية الدولية ومواقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين ودول أمريكا اللاتينية والإفريقية وعدم الانحياز والدول العربية والإسلامية ونصف أمريكا ونصف الكيان الإسرائيلي كل هؤلاء يؤمنون بالسلام ومنح الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته الفلسطينية ، وهؤلاء يمكن تجنيدهم من خلال الفعل السياسي ضد النصف المتطرف الأمريكي والإسرائيلي ، ولذلك يعمل الكيان الإسرائيلي دائما على إخراج القضية الفلسطينية من طابعها السياسي الى الطابع الأمني المجرد حتى يبقى الكيان في مربعه الخاص .
وفي ذات الوقت يجب عدم النظر في معادلة الصراع القائمة بيننا وبين الكيان الإسرائيلي على أننا ندين متساويين أمام الأطراف الرئيسية للمجتمع الدولي بل هناك انحياز واضح لصالح الكيان الإسرائيلي ويجب الاعتراف بذلك بشكل عملي وليس بشكل نظري فحسب ، بمعنى أنه عندما لا تلتزم إسرائيل بما تم الاتفاق عليه فإن هذا لا يعطينا المبرر لعدم الالتزام بالمثل بل لابد أن نلتزم من جانبنا بشكل كامل ونقوم بما يجب علينا القيام به حتى نجبر المجتمع الدولي لرؤية مخالفات الكيان الإسرائيلي ولكن عندما نتساوى مع الكيان الإسرائيلي بعدم الالتزام فإن المجتمع الدولي سيرى تجاوزنا ولا يرى تجاوز الطرف الآخر .
وهناك شواهد كثيرة عندما التزم الطرف الفلسطيني بما عليه من التزامات حقق تقدما كبيرا ونجاحا سياسيا أحرج حلفاء الكيان الإسرائيلي وعندما تصرفنا بردات الفعل الغير مدروسة كانت النتيجة دمار على شعبنا مع تحميلنا المسئولية لهذا الدمار .
لذلك في قلب هذه المعادلة يجب أن تكون الصراحة السياسية هي سيدة الموقف ولا تحتمل استخدام أكثر من لغة أو وسيلة ، من أراد استخدام المربع السياسي فعليه التمسك به وعدم الاستجابة لكل دوافع الخروج منه مهما بلغت قوتها .
من يدرك هذه السياسة يستطيع فهم خطابات الرئيس الواضحة والصريحة ويستطيع الحكم عليها من خلال هذا المنطلق العام ، وربط الجزئيات بالسياسة الكلية ، إنها مدرسة واضحة ومتكاملة ويمكن ان تؤتي ثمارها ولكنها قاسية وتحتاج الى قوة تحمل غير عادية وقدرة على المواصلة ، فهي تحتاج صاحب النفس الطويل والذي يؤمن إيمانا راسخا بها .

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين