بحث

أخبار اليوم

من يحمي المستهلك كل يوم؟

  • 13:53
  • 2019-04-27
بقلم صلاح هنية

يرن الهاتف النقال، معك إذاعة أو صحيفة أو تلفزيون، نريد أن نجري معك حواراً موضوعه "من يحمي المستهلك من الأسعار في رمضان؟". يتكرر السؤال كل عام منذ سنوات، وكنت أتحفز لأرصد حجم الارتفاع السعري غير المبرر في هذا الشهر، وأرشد المستهلك لسبل التغلب على الارتفاع في الأسعار.
توالت الأيام والسنوات وإذا بالأمر يختلف، نجد أن محلات المواد التموينية، وهي سلعة رئيسية في رمضان، جلها يعلن عن تخفيضات غير مسبوقة، حتى أنها تبهر المستهلك فيتساءل عن أسبابها ناعتاً إياها بالمبالغة. اليوم باتت تقليداً يبحث عنه المستهلك ويعيشه حتى أن أصحاب سابقة التخفيضات باتوا يفتتحون فروعاً لهم في مختلف المحافظات ليتفوقوا، وتستمر التخفيضات في شهر رمضان، بالتالي المواد التموينية ليست عبئاً بالمطلق.
وأكدنا كجمعية حماية المستهلك في اجتماع مع وزير الاقتصاد الوطني خالد عسيلي، بعد انقطاع هذا الاجتماع لسنوات مضت تحضيراً لرمضان، وكان يطلق على الاجتماع "زمان" اجتماع الأمن الغذائي، وها هو يعود مجدداً هذا العام،، قلنا: إن المواد التموينية لا تشكل مشكلة بالمطلق، رغم أن هناك من يهيمن على السوق في سلعة الأرز ويفرض سعره، الأمر الذي يستدعي أن يتم الحديث معه بشكل منفرد من قبل الوزارة.
وظل وزراء الاقتصاد السابقون يكررون: "لا نستطيع تحديد الأسعار ولا توحيد الأسعار، بل نراقب على إشهار الأسعار". 
في الاجتماع مع الوزير لم تكن مفردات خطابه تأتي على هذه العبارات، لأنه منطقياً تتوحد الأسعار في السوق من قبل المنتجات الفلسطينية، حيث تباع عبوة الحليب الفلسطيني بذات السعر في جميع السوق الفلسطينية، والمستوردون يفعلون ذات الفعل، بقي لدينا جهد باتجاه خفض الأسعار.
ما نسعى له مواجهة هذا التحدي: كيف نخفض الأسعار ونجعله أمراً واقعاً. عملنا في ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني على تعزيز المنافسة والتصدي لأي بوادر ممارسة قد تحمل شبهة الاحتكار، فعرضنا أسعار السلع المستوردة ذاتها التي تقل أسعارها في السوق الإسرائيلية بشكل واضح وفي السوق الأردنية والمصرية، ومن ثم قام بعض التجار بمغامرة التخفيضات على السلع المستوردة حتى أن بعض الوكلاء أثاروا الشبهات حولها أنها مقلدة ليست بذات الوزن وليست من ذات المصدر، وصدرت تعليمات في وزارات الاختصاص للجهات التنفيذية بالتحرك لضبط الأمر باتجاه حماية الوكيل الحصري. ويوماً بعد يوم وجدنا أن الوكيل الحصري يتجاوب مع واقع السوق ومتطلبات المستهلك التي باتت مدعمة بحقائق عززتها لديه جمعيته لحماية المستهلك. وبجهد تخفيضات التجار اليوم، بتنا نعيش انخفاضاً في أسعار المستورد دون أي مبرر أننا لم نستطع أن نبيع، بل من باب أن شروط المنافسة فرضت نفسها في السوق.
الجديد منذ عامين أن التجار لم يعودوا يتحدثون عن "دلع المستهلك أنه يريد بضائع مجانا!!!"، ووضعوا أصبعهم على الجرح أين الاسترداد الضريبي الذي يتأخر عامين؟ أين زيادة الكوتا للحوم والمفرزات؟ مربو الدواجن تدمروا ولم يقف معنا إلا جمعية حماية المستهلك؟ اللحوم المبردة الطازجة تجربة جديدة.. هناك عوائق إسرائيلية؟ المقاصة التي تعتبر صكوك غفران هذه الأيام إلى متى لا نريد وقفها ولا التهرب منها، بل نريد طريقة عصرية للتعامل في إطارها؟
وعن القطاع الزراعي في السنوات الثلاث الأخيرة، حدّث ولا حرج.. اختفاء زراعة الخضراوات في أريحا بسبب التحول السريع إلى زراعة النخيل بسبب قدرتها على التأقلم ودرجات الملوحة في المياه، المزارعون يتخذون قراراتهم بأنفسهم.. ما الذي يزرعونه؟ وما الذي لا يزرعونه؟ ومعاناتهم مع الاسترداد الضريبي وتعويضات الأضرار، وفحص متبقيات ترسبات المبيدات الزراعية في الخضار، السعر العادل أولاً للمزارع ومن ثم للمستهلك وليس على حساب المزارع.
ونظل نراوح مكاننا في ملف أسعار اللحوم الحمراء، تارة الكوتا ستحل المعضلة والاستيراد خارج الكوتا سيزيد العرض ويلبي الطلب ويخفض الأسعار، إلا أن انعكاساً على الأسعار للمستهلك لم يحدث. أين تختفي كل هذه الكميات؟ أين ضبط الأسعار؟ علماً أن موضوع العرض والطلب لا يجوز أن يكون العامل الحاسم طالما أن الأعداد متوفرة كما يعلنون، ولن نولي أي أهمية لإعلانات الإدارة المدنية للاحتلال أنهم سيزيدون استيراد الخراف والعجول للتخفيف عن المواطن الفلسطيني!!
ولن يكون السقف السعري العادل في شهر رمضان عملاً تقليدياً، بل سيكون تشاركياً، ولن يتجاوز سعر السوق والشراكة بين الأطراف كافة، وطالبنا ألا نضع سعراً منخفضاً لإرضاء المستهلك لا نستطيع ضبطه ولا يستطيع التاجر الالتزام به وتصبح الرقابة على أساسه، وهات حلها!
كنا في جمعية حماية المستهلك نتوقع تدخلات من قبل صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يعتبر رصيداً إستراتيجياً للبلد عبر أسواق شعبية، في المحافظات، استهلاكية، تقود إلى استقرار أسعار السلع التي لا يستقر سعرها تاريخياً في فلسطين.
نرى أن المستوردين الكبار عامل استقرار أساسي لأسعار السوق، خصوصاً في السلع التي يتم استيرادها ولا يوجد بديل فلسطيني لها، ونجد اليوم تحولاً إيجابياً في القائمة السعرية، ولعل إقرار قانون المنافسة سيقود إلى متغيرات مهمة، دراسة ملف الوكالات الحصرية والموازنة بينها وبين حقوق المستهلك بسلع آمنة بأسعار عادلة دون المساس بحقوق الشركات التي شكلت رافعة للاقتصاد الفلسطيني واستقلالية السوق الفلسطينية عن السوق الإسرائيلية عبر الوكالات والاستيراد المباشر.
وكان وعد وزير الاقتصاد الوطني قاطعاً بأن الوزارة لن تعود للشكل التقليدي في التعاطي مع السوق في شهر رمضان، ولن تخرج أعداد كبيرة من الجهات الرقابية إلى السوق ليقولوا للتجار: ديروا بالكم على المستهلك... لماذا يدخل أربعون شخصاً إلى متجر ليتحدثوا مع التاجر، ها نحن تحدثنا هنا، وأبواب الوزارة مفتوحة، وساعات الدوام لها بداية ولا نهاية لها، هكذا سنتعامل مع شهر رمضان، لن نضع السوق في حالة من القلق بعد أن نضمن استقرار السوق بالتوازن بين المستهلك والتاجر والمورد والصناعي.
باختصار شديد قلنا في جمعيات حماية المستهلك على طاولة وزير الاقتصاد الوطني: إننا لن نكون جزءاً من المشكلة، بل سنكون جزءاً من الحل، وسنضع كتفاً بكتف معكم طالما أنكم أعدتم روح الشراكة مع جميع الأطراف المعنية باستقرار السوق والأسعار العادلة، ونقف معاً من أجل دعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية ذات الجودة التي نفاخر بها وأطلقنا مبادرتنا "منا وإلنا" لدعم المنتجات الفلسطينية، وكنا قد بدأنا منذ سنوات في مبادرة "إني اخترتك يا وطني" بالشراكة مع مؤسسة الراصد الاقتصادي واتحاد الصناعات الغذائية الفلسطينية وبلدية بيتونيا ورام الله والبيرة وقلقيلية وطوباس وطولكرم، واليوم نرسخ الشراكة مع وزارة التربية والتعليم في المدارس نحكي لهم حكاية المنتجات الفلسطينية وحقوق المستهلك، ونلتزم بتعليمات إدارة الصحة المدرسية في الوزارة بما ننظمه من حملات تذوق في المدارس.
صيفك، رمضانك، من منتجات بلادك.

[email protected]
www.pcp.ps

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين