بحث

أخبار اليوم

مصلحتنا مع سورية

  • 17:35
  • 2019-05-03
بقلم حمادة فراعنة

لا نُحمّل سورية الوطن والشعب والدولة جمايل ومنة رفضنا للضغوط الدولية والإغراءات الإقليمية، للتدخل مع قوى الشر والتآمر والتطرف التي استهدفت سورية، ليس بسبب عدم ديمقراطية نظامها، وهو ليس الوحيد في العالم العربي الذي لا ينتمي لعالم الديمقراطية وخياراتها، فعلى الأغلب أن بلدان النظام العربي لا تتوسل الديمقراطية ولا تسعى لها ولا مصلحة لكثير من حكامها في تبنيها، بل هي على الأغلب أنظمة اللون الواحد، والفرد، والحزب، والقائد الأوحد، الذي لا مثيل له، ومفاهيم تداول السلطة والاحتكام لنتائج صناديق الاقتراع غير واردة في قواميسها وثقافتها وسلوكها، إلا البعض القليل منها بشكل نسبي غير مطلق.
السبب الفعلي والأقوى ودوافعه لتفجير الوضع الداخلي لسورية، عبر الرهان على أحزاب وتنظيمات التيار الإسلامي السياسي، مدعومة من أطراف إقليمية ودولية، يعود إلى الهدف الاستراتيجي لإفقار سورية وإضعافها أمام العدو القومي المشترك: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وتدميرها لصالحه كما فعلوا مع العراق وليبيا وحاولوا مع الجزائر ومصر، وهذا ما حصل حتى اليوم.
رفض الأردن رسمياً وشعبياً للضغوط الدولية وللإغراءات الإقليمية نحو التورط في سورية، رغم الملاحظات التي يمكن أن تسجل على هذا السلوك الأردني أو ذاك، ونحو هذا الموقف السوري أو ذاك، إلا أن الخيار الأردني بقي ثابتاً حازماً بشكل واضح لا لبس فيه وشعاره الحل السياسي للأزمة السورية، وعدم التدخل في الشؤون السورية الداخلية، وهو موقف لم يكن ليرضى به النظام وحلفاؤه، ولم يكن لترضى به المعارضة وممولوها، كان لكل طرف رغبة يتطلع لأن يكون الموقف الأردني معها أو ضدها، فالنظام يرى أن عدم وقوف الأردن معه، يصب لمصلحة المعارضة المسلحة، بينما ترى المعارضة عكس ذلك أن الموقف الأردني المتزن يصب لمصلحة النظام، وهكذا صمد الأردن في وجه رهان الطرفين، وبقي موقف الأردن متوازناً تمليه مصلحته الوطنية بالأساس، وليس مصلحة النظام أو المعارضة.
مصلحة الأردن لم تكن مع القوى المسلحة البديلة، الأكثر تطرفاً وعدوانية وتفتقد للاستقلالية وللخيارات الوطنية السورية، لأنها أسيرة البرنامج المعد من قبل الممولين الذين لا تعنيهم مصلحة سوريا الوطن والشعب والنظام.
تختلف رؤية الأردن مع رؤية الدولة السورية واجتهاداتهما، في هذا الموقف أو ذاك، وهو خلاف طبيعي، لم يكن ولن يكون نقيضاً متعارضاً مع أمن واستقرار أولويات أي منهما، ومثلما لا نقبل أي تدخل من أي طرف بخيارات الأردنيين، وشؤوننا الداخلية، لا نقبل لأنفسنا أو لغيرنا أن يتدخل في شؤون الدولة السورية الداخلية وخيارات السوريين، فهذا شأنهم وهم أولى بمعالجة مشاكلهم وحلها بما يتفق مع مصالحهم الوطنية.
لا يجوز أن نُحمل سورية منة أو جمايل، لأن عدم التدخل الأردني، ورفض التآمر على سورية، له دوافع وطنية أردنية عُليا، نتوسل من خلال هذا الموقف الحفاظ على أمننا الوطني المرتبط بالأمن القومي العربي، ويشكل امتداداً وتكملة له، في مواجهة كل الأطراف الإقليمية والدولية التي لا تحمل الود وروح الشراكة واحترام المصالح المشتركة المتداخلة، وتتطلع للتوسع والنفوذ على حساب العرب وحقوقهم ومصالحهم الوطنية والقومية، وفي مقدمتهم العدو القومي: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان.
نختلف مع سورية بهذا الموقف أو ذاك، ولكننا كأردنيين لا نستطيع إلا الوقوف في الخندق الداعم لاستعادة سورية أمنها واستقرارها واحترام خياراتها، وغير ذلك عبث وفوضى وانتهاك لحقوق الجيرة والأخوة والشراكة والمصالح الوطنية والقومية المتبادلة.

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين