بحث

أخبار اليوم

ثورة الفــــــرح اللبنانى

  • 22:24
  • 2019-11-11
بقلم خالد صيام

 

منذ شهر مضى أو يزيد تجتاح مراكز المدن والساحات والبلدات والقرى اللبنانية مـــظاهرات عارمة .. لم تكن تلك المظاهرات وليدة اللحظة ... ثمة ما يشـــــير إلى حـــجم المعاناة التى تحملها الشعب اللبناني الشقيق بكل مكوناته عبر الســـــنوات الماضية ، من وضع إقتصادي سيء وإجتماعى معقد نتيجة هجرة ما يقارب ثلثي الســـــكان للعمل خــــــارج وطنهم ، وخاصة فئة الشـــــباب المكون الرئيس لأي مجتمع ، بسبب البطالة المســـــتشرية إلى ظاهرة الفســــــاد والمحسوبية لفئة ضئيلة من ذوي النفوذ والســــــلطة ، بخلاف إرتفاع المديونية العامة على كاهــل الــدولة التي يتحمل عبئها الشــــــــعب عبر أجياله المتعاقبة من خــلال فرض الضرائب المرتفعة على مكونات الحياة الأســــاسية لاحتياجات المواطن اللبناني الباحث عن مخرج بشتى الوسائل لتوفير لقمة عيش أبناءه بكرامة .

   كل ذلك دفع اللبنانين بمختلف مشاربهم للتمرد علي واقعهم المعيشي الصعب ، وهــــم ينظرون لمن حولهم من بعض الزعامات والقيادات يعيشون حـــالة الترف والبذخ دون تحمل تلك الفئة مقاسمة المواطن إستحقاق عيشه بكرامة فى وطنه ... تلك الزعامات الطائـفية غير معفية من المسئولية وما اّلت إليه الأمور من انفجار الشارع على واقعه المعاش .

    لقد برع اللبنانيون وانفردوا بنظام سياسي تعـــــددي وقدموا انموذجاً يحـــــــتذى به ، بعد توقيعهم على اتفاق ( الطائف ) فى المملكة العربية السعودية الراعيــة للإتفاق الذى جــــــمع الفرقاء علي مائدة الحوار عام 1989 ، إلا أن هذا الاتفاق الذى أنهي فصلا داميا من فــصول الحـــرب الأهلية ، التي أتت علي الأخــــــضر واليابس فى ربوع لبنان في سبعينيات القــــرن الماضي وأودت بحياة الألاف من أبنائه فى حـــرب طائفية طاحنة ، جـعلت مـــن لبنان الجميل منارة الحرية والثقافة فى الشرق ، إلى بلد ممزق تشتم في أزقته وطــــرقاته رائحة الــــموت وتعشعش الغربان فى أبنيته وبيوته التى هجــــرها أهلها قصرا ، نتيجة الموت للبــعض منهم أوهجرتهم مكرهين للبعيد ... بحثا عن حياة ربما تكون الأفضل لهم ولأبنائهم ...

 

 

     جاء ذلك الإتفاق لوقف نزيف الدم المراق ، وأعاد للبنان بعضا من وجهه المشرق بخطة إعمار وبناء استنهضت اقتصاده من جديد ، فاستثمر فى الســـياسة والثـــقافة والســـــــياحة التي جعلت من هذا البلد الصغير بمساحته ، الكبير بأهله نموذجا فريدا بين الدول الشـــــقيقة والصديقة ، بني فكرة حريته ودفع ثمنا باهظا لهذه الميزة ... لبنان الجـميل الحــــضاري ابن الكفاح الوطني يواجه اليوم واقعه الإقتصادي والإجتـــماعى المسلوب ، مع إستـــمرار النخبة السياسية والطائفية بقيادة دفة البلاد والعباد ....

    اللبنانيون اليوم يستعيدون بقوة فكرة حريتهم بالإختيار بعيدا عن لســـان طوائفهم ، رغم إجبار الحكومة على تقديم إستـــــقالتها ... إلا أن مطـــــالب الجماهير الغاضبة لم تلتفت لهذه الخطوة والتى لم تلبى الحد الأدنى لمطالبهم ، وطموحهم التى ثاروا من أجـلها برحيل زعماء الطوائف وكل القادة والزعماء ليفتحوا الباب على مصراعيه نحو حـــــريتهم ومستـــــــقبلهم ومصير لقمة عيشهم تحت شعار ( كلهن يعني كلهن ) ...

     هذا الشعب الحى الذى حول الميادين ومراكز المدن إلى تجمعات فرح وإحتـــــجاج دونما المس بالممتلكات العامة والخاصة لا يستحق التهديد أو الوعيد من قبل زعيم أو فصــــــيل أو طائفة ، إنما يستحق رعاية وفهم عميق لمطالبهم المشروعة دونما الإستحواذ أو التنــمر من قبل البعض لإمتصاص غضبة الشعب والإستقواء من أطراف ربما تكون خيــــوطها مــرتبطة بأجندات ومصالح خارج حدودها الوطنية .

    بالمحصلة ... لبنان اليوم ... غير لبنان الأمس ... بثورة الفـــــــرح التى تجتاح كل لبنان سينتصر لقدره المحتوم ، بالإنتصار للبنانيته ولقمة عيشه بعيدا عن .. التبعية .. والتنمر ... والإستحواذ ... لان شعبه يستحق الحياة .. بكرامة .. وعزة .. وأنفة .

 

 

  

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين