بحث

أخبار اليوم

من علامات الساعة الإسرائيلية

  • 09:30
  • 2019-11-25
بقلم طلال عوكل

آخر المحسوبين على كبار وعظماء المشروع الصهيوني، "الملك" بنيامين نتنياهو بدأ مرحلة السقوط، وهي أسابيع أو أشهر، سيكون قد ارتطم على الأرض. من قام بتعيينه في منصب المستشار القضائي للحكومة، القاضي أفيحاي مندلبليت، من أجل مساعدته في التهرب من ملفات الفساد، هو الذي يقول إن نتنياهو يخون الأمانة، ومرتش وقد ارتكب مخالفات خطيرة جداً.
الزعيم الذي يتمتع بالكفاءة والحنكة، والقدرات الهائلة على التغلب على الخصوم الداخليين والخارجيين، وصاحب أطول فترة في إشغال منصب رئيس الحكومة، يسقط هذه الأيام، ليشكل سقوطه مؤشراً قوياً على المسار الذي تتخذه الدولة التي أرادها عنصرية، والنهايات التي ستؤول إليها، وإليها سيؤول كل المشروع الصهيوني من أساسه.
التفاصيل الصغيرة، التي تشغل وسائل الإعلام والمحللين والسياسيين لا تبدو مهمة بالقياس للمؤشرات والدروس العامة التي ترمز إليها وقائع حياة ذلك "المفتري"، وطبيعة الدولة والمشروع الذي قاده باقتدار حتى اللحظة.
هو التاريخ مرة أخرى، قادر على تصحيح مساراته، وإعادة رسم مساره نحو الحقائق الكبرى.
من يبني الدولة العنصرية المدججة، بأوهام القوة، والمتسلحة بكل الأفكار والممارسات الإجرامية، وإدارة الظهر للمجتمع الدولي، من يبني هذه الدولة، التي أرادها أن تكون شرطي الإقليم هو ومن عنده ستبدأ هذه الدولة بالانهيار.
لا أُعوّل كثيراً على كل ما يُقال في وصف هذا المأفون الذي أعلن الحرب على الدولة، التي يساهم بقوة في بنائها، فيعلن أنه لن يستقيل من منصبه، ويلقي الاتهامات على القضاء وعلى الشرطة ووسائل الإعلام، وعلى المعارضين والمنافسين.
بيني غانتس يقول إن نتنياهو يدفع البلاد نحو حرب أهلية، وليس علينا أن نصدق ذلك، لكن ثمة مغزى عميق في أبعاد هذا التصريح، الذي يؤشر على بداية تفكك الدولة، وتفكك حلف اليمين، وقبل ذلك تفكك حزب "الليكود"، الحزب الوحيد الذي بقي صامداً بقوة من بين الأحزاب المركزية.
قبل أيام قليلة كان أحد المحلّلين الإسرائيليين قد قال إن "الليكود" يسير على خطى حزب "العمل"، الذي انهار، وتحول إلى جماعة صغيرة، بالكاد تحصل على نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية. في الليكود، لا توجد شخصية بمستوى نتنياهو، أو شارون، أو شامير، أو رابين، ومن قبلهم زعامات تاريخية كبيرة.
جدعون ساعر، المصنف على أنه البديل الأكثر أهلية من بين أقرانه في الليكود، بدأ السعي نحو عقد اجتماع لليكود، بغرض استبدال نتنياهو، الذي يقاوم بشدة، ويتمسك بكونه زعيم الليكود وزعيم التكتل اليميني.
ينجح أو لا ينجح ساعر، فلقد دبت الخلافات عميقة في الليكود الذي لا يستطيع أن يحمل نتنياهو على ظهره بعد كل هذه الاتهامات التي تسيء لسمعة الحزب، وتضعف شعبيته، ولا تقف حدود مخاطرها عند إرسال زعيم الحزب إلى السجن.
والليكود، لم يعد يستطيع حمل الإرث اليميني الذي وضعه نتنياهو على أكتاف الحزب، حين أصر كل الوقت على أن يحمل على ظهره أحزاب "الحريديم"، التي لم تعد مقبولة من أي حزب أو جماعة سوى نتنياهو. لولا هذا الجشع، والنرجسية وبطانة السوء، كما وصفتها "رويتر" لكان على إسرائيل أن تحتفل، بالإنجازات التي حققها نتنياهو بدعم كامل من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لم تسعفه كل المنح، والدعم الذي قدمه ترامب لنتنياهو، وهو الآخر، محل شبهات، ويتعرض لتحقيقات تحت عنوان العزل.
عنوان العزل، يصلح لأن يكون عنوانا، للدولتين، وليس فقط للزعيمين التوأمين. إن كانت إسرائيل لا تهتم كثيراً بعزلتها الدولية، في سبيل تنفيذ مخططاتها التوسعية، وبالاتكال على الولايات المتحدة، فها هو السند القوي، يندفع إلى جانب إسرائيل نحو العزلة الدولية.
على ما أظن ليس ثمة دولة واحدة في العالم، تؤيد القرار الذي اتخذه وأعلنه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بشأن الاستيطان والمستوطنات.
في آخر تصويتات الأمم المتحدة على قرار تمديد ولاية "الأونروا"، رفض مندوبو مئة وسبعين دولة، السياسة الأميركية بهذا الخصوص. وفي تصريح نادر يقول وزير الخارجية الأميركية السابق هنري كيسنجر إن أميركا والصين تتجهان نحو حرب باردة وبرأينا فإن الولايات المتحدة ستكون وحدها، بعد أن فقدت حليفاتها الأوروبيات الثقة بها، ليس على الفلسطينيين أن يخوضوا حروباً من أجل دحر الاحتلال فالقلعة الإسرائيلية ستتقوض من داخلها، بسبب تصاعد العنصرية، والكراهية للآخر، وبسبب الأطماع الوهمية التي تقود رواد اليمين المتطرف.

فن ومنوعات


حالة الطقس

فلسطين